قد لا أكون ملمًا بهذا الدرس المتشعب والذي يحتاج إلى لملمة الأفكار المبعثرة وجمع الدروس المتفرقة وفرز نتائج البحوث المتأصلة في هذا المجال وصبها في قالب أو كبسولة صغيرة سهلة الهضم من قبل المتلقي .
ما يهم هو أنني سأحاول أن أستجمع شيئاً مما تختزنه ذاكرتي ، لعل الله يلهمني شيئاً مما يصبوا إليه قارئي الذي أتلهف شوقاً أن أبلغ شيئاً من رضاه .
من هنا سأبدأ القول إذا أردت أن تبني جيلاً من الشباب على قدرٍ من المسؤولية في شتى الاتجاهات وجميع المجالات الدينية والدنيوية فعليك بالقدوة الحسنة .
وسأختزلها بمحاور ثلاث لأنها من وجة نظري المتواضعة هي المثلث الأساسي والأشمل في وسائل بناء الشباب .
فأول وسائل البناء هي ( الأم الصالحة ) فقد قال عنها الشاعر : الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
الأم روض إن تعهده الحيا بالرئ أورق أيما إيراق
الأم هي تلك الأرض المستثمرة في هذا المشروع العظيم ، هي الحقل الطيب الخصب الذي ينبت نباتاً حسناً ويسقي ذات النبات بماء سِقائه العذب الزلال ، فعليك بحسن الاختيار فهو الخيار الأول في البناء.
ثم الأب الذي هو القدوة الأولى بعد الأم والذي تنمو على يديه مدارك عقول الأبناء ، حيث يعد البطل في مخيلتهم والذي تتكون من خلاله شخصيات الأبناء وتوجهاتهم في خضم بحر الحياة الذي يموج بالمتناقضات والمتغيرات !
الأب هو المثل الأعلى والدرس الأسمى الذي ستلتصق أفعاله قبل أقواله بذاكرة الابن وتنمو داخله حتى تتجذر بعمق حيث يصعب اقتلاعها فيما بعد ، سواء كانت إيجابية أو سلبية !
فعليك أيها الأب بعد توفيق الله عز وجل أن تزرع ما تأمل قطفه من هذه البذرة الصغيرة التي ستتشكل معالمها وتتكون قطوفها بين يديك وتحت ناظريك .
يلي الثنائي الأول ، المعلم ، حيث أن هذا الابن سينتقل جزئياً من مدرسة الوالدين إلى مدرسة إضافية هي مدرسة المعلم الذي سيكون معززاً للبناء الأول أو هادماً له !
فدور المعلم هو الهدم والتدمير ، أو البناء والصقل والتمحيص وإكمال طباعة الصورة بجميع أبعادها داخل هذا الكيان الصغير الذي سيكون أو لا يكون!
فليخشى الله المعلم بالعقول الطرية القابلة للتشكل حسب الوعاء الذي تصب فيه ، وليكن القدوة الحسنة بأفعاله وتصرفاته أمامهم قبل أن يلقنهم ما بداخل الكتب من علوم ، لكي لا يزرع داخلهم التصادم والتضاد بين ما اقتدوا به من والديهم وبين ما يلمسونه من معلمهم ؟!!
من هذه المحاور يتضح لك قارئي المبجل وعزيزي المتلقي أن بناء الشباب يعتمد اعتمادًا شبه كلي على القدوات الحسنة ، الثلاثية الزوايا ، ولن يكتمل البناء أو ينضج الثمر على الوجه المطلوب في حال ما اختل توازن هذا المثلث المتشكل من :
( الأم - الأب - المعلم )
ولن يتأسس البناء وينتج مجتمعاً متحضراً ومتسلحاً بسلاحٍ صلب وقوي ديناً ودنيا إن لم يكن هذا الثلاثي قدوة حسنة في ما يؤسسه ويبنيه داخل هذه العقول الغضة الطرية والتي هي بمثابة اللبنة الأولى وأساس البناء الشامخ لشباب اليوم ، ورجال الغد ، وعماد الأمة والوطن .
دمتم بصادق الود ...
التعليقات 8
8 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
ابو عمر
16/10/2016 في 10:19 م[3] رابط التعليق
كلام من ذهب بارك الله فيك وسلمت أناملك موضوع مميز وطرح راقي اسأل الله لك التوفيق والتقدم
(0)
(0)
أبو نواف
16/10/2016 في 10:46 م[3] رابط التعليق
بارك الله فيك كلام من ذهب
(0)
(0)
ابوخالد
16/10/2016 في 11:26 م[3] رابط التعليق
ماشاء الله تبارك الله
كلام جميل جداً
(0)
(0)
محمد بن جهز
17/10/2016 في 3:00 ص[3] رابط التعليق
ابوعمر
ابو نواف
ابو خالد
قرائي
متابعي قلمي
كل الشكر لكم أنتم سر إبداعي
انتم بعد الله من يدفعني للأمام
(0)
(0)
محمد فيحان الحربي تبوك
17/10/2016 في 3:14 ص[3] رابط التعليق
الاستاذ محمد جهز جهز العوفي
طرح مميز وابداع يشار له بالبنان
ابحرت بهذا المقال واطربتنى امواج ابداعه
ولم اجد عباره تفى للثناء بهذا الابداع سوى الدعوات لك بالتوفيق
وهنا اسجل لك اعترافي بأن ابداعك يجمع الفلسفه وبساطة المعلومه
(0)
(0)
محمد بن جهز
17/10/2016 في 3:47 م[3] رابط التعليق
كل الشكر وعظيم التقدير اخوي محمد
اسعدني مرورك وأطربني قولك
لكل ولجميع قراء قلمي كل التحايا…
(0)
(0)
عناد الحربي
19/10/2016 في 12:02 ص[3] رابط التعليق
الله يوفقك والى الامام يا ابو احمد?
(0)
(0)
محمد بن جهز العوفي
20/10/2016 في 9:30 ص[3] رابط التعليق
تسلم ياعناد
مرورك اسعدني والف شكر لك ولجميع متابعي قلمي
(0)
(0)