الكل يعرف هذه اللعبة التي يعتقد الكثيرة انها وسيلة تسلية وتنمية فكر وبناء جسد ، بينماهي لعبة خطيرة تنمي ثقافة الانانية والإبعاد.
لاشك ان الكثير تعلم هذه اللعبة في المدرسة والتي تتمثل بأن يدور عشرة أطفال حول تسعة كراسي وعند الأمر عليهم بالتوقف والجلوس على الكراسي ، يتصارع الجميع ليكسب الاقوى بينهم الكرسي.
بالتأكيد الأقوى وليس الاجدر ويقصي زميله بحيث يجلس كل طفل على كرسي ويبقى واحد واقف ليخرج من اللعبة مهزوماً منكسر من الداخل دون ان يشعر به أحد ، بل قد يكون ناقم على الجميع !
ثم يتم سحب أحد الكراسي وتبدأ اللعبة مجدداً حتى لا يتبقى من المجموعة سِوا طفل واحد وكرسي واحد وبذلك يُحسب هو الرابح الوحيد ، ويتم التصفيق له بحرارة ويصاب بنشوة الفرح المفرط لانه صارع وقاتل حتى كسب الكرسي لوحدة ، وكأننا نغرس في ذواتهم " نفسي نفسي" ولكي انجح لابد ان ازيح الكل عن طريقي!!
في الحقيقة هذه اللعبة ظاهرها التسلية ولكن المتمعن في ادوارها يعي تماماً انها لعبة خطيرة على المدى البعيد ووسيلة لتنمية ثقافة خطيرة داخل نفس الطفل ، بحيث توقض داخله حب التسيد والسيطرة لوحده ، حتى تمتلك جميع حواسه ومداركه وتطبع داخله فضاضة يعيش فصولها في مابعد ويطبقها في مجريات حياته ضد الاخر.
وهذا للأسف ما نلمسه ونشاهده على أرض الواقع ، فقد أصبح طابع الكثير من افراد المجتمع الانانية وحب الذات التي بلغت حد التناحر دون الهدف الذي يسعى الجميع لنيله!
فالكل يشحذ الهمة ويشعل الفكر بقوة سعياً لإسقاط الاخر لينفرد بمنصة الشرف لوحده ، بل ربما بلغ به الحال ان يُصاب بالغيض والحنق عندما يكسب غيره موقف ما حتى وان لم يكن طرفاً في المنافسة !
هذا هو داء الثقافة المعكوسة التي تعلمها الكثير في مجتمعنا ونشاء عليها فصار همه ( أنا . ومن بعدي الطوفان ) .
انانيه في الشارع ، انانية في محاربة نجاح الأخر ، انانية في تدمير الممتلكات العامة ، انانية في التمسك بالكراسي ونيلها حتى وان كان ذلك فوق أنين الجميع .
هذه هي الثقافة المعكوسة التي في الغالب تبدأ بذرتها من المدرسة ، بالتأكيد هي عن حُسن نيه ولكنه حسن سيء!
بينما في الغرب يلعبون نفس اللعبة لكن بعكس الفعل بحيث يُقال للأطفال اذا بقي طفل واقف بينكم سيخسر الجميع ، فتجد انه عندما يُطلب منهم التوقف عن الدوران يجلس الجميع على الكراسي ويفسح بعضهم لبعض ويحتضن بعضهم البعض لكي يكسب الجميع!
فكانهم يغرسون داخلهم انا انجح وأساعد غيري على النجاح ، فالقمة تتسع للجميع والضرر اذا وقع نال كل فرد من افراد المجتمع .
بهذه الثقافة أرتفع في ذواتهم هرمون التعاون وأن خلقت لديهم روح الإثار .
للأسف أن تلك الثقافة التي طبقها الغرب هي صميم ثقافة ديننا الاسلامي الذي يحث افراده على التعاون والإيثار ومثّل مجموع افراده بالجسد الواحد الذي اذا اشتكى منه عضواً تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر .
وبقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه مايحب لنفسه )
فهم ذلك الغرب وطبقه بالشكل الصحيح ، فساد النجاح بينهم.
وفهمناه نحن بالشكل المعكوس تماماً كفهمنا للعبة الكراسي بشكلها المغلوط فساد بيننا حب الذات !
فكم من مفاهيم وثقافات تعلمناها بشكلها الخاطئ وعلمناها اطفالنا ونمت معهم حتى اصبحنا نرى الشراسة في منافساتهم ولمسنا النشوة المفرطة عندما يُسقط أحدهم الاخر ويقصيه من مضمار المنافسه!
في النهاية ، جميل ان تنجح وتفرح بنجاحك ، ولكن الاجمل أن تمد يدك لتساعد من تعثر لا ان تكسره وتقصيه ..
دمتم بود ..
التعليقات 9
9 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
الذكري
19/02/2018 في 3:49 م[3] رابط التعليق
التعليق
(0)
(0)
زائر
19/02/2018 في 10:23 م[3] رابط التعليق
ابو احمد هرم لايعبر عنه من خلال مقال او طرح فكره صمته يعتبر درس وان حكا كمم الافواه.
ولكن اختلف هنا كوجهة نظر من زاوية لم لانعتبر البقاء للأقوى ويسقط المتخاذلون
(0)
(0)
ندا الذكري
19/02/2018 في 4:06 م[3] رابط التعليق
مقال في قمة الروعه لاكن كل ماذكرت لا يقتصر على هذه اللعبه أغلب الألعاب تنمي الحقد والغيره والعنصريه والانانيه وحب التسيد والغطرسه والعداوه والبغضاء في نفوس الضعفاء وتكون اكثر تأثيرا على الاطفال
(اغلب الألعاب مفاتيح لما ذكرت)
شكرا لك ابو احمد على مواضيعك الاكثر من رائعه
(0)
(0)
زائرمحمد
19/02/2018 في 7:40 م[3] رابط التعليق
مقوله جدا رائعه
(0)
(0)
محمد بن جهز العوفي..
20/02/2018 في 9:05 ص[3] رابط التعليق
شكراً لكم جميعا على هذا المرور العاطر .. والأطراء الرفيع الذي قد لا استحقه ..
تحياتي لكم دون استثناء .. متمناً ان ارتقي في ما اطرحه لمستوى يرضي ذائقتكم ..
(0)
(0)
زائر
20/02/2018 في 10:32 م[3] رابط التعليق
الكاتب عبدالله السلمان يسلم عليك يابو احمد
(0)
(0)
محمد بن جهز العوفي..
23/02/2018 في 2:09 ص[3] رابط التعليق
وانت سلملي عليه .. كلاً له ليلى يغني في بحرها .. وانا اغني في سماء ليلاي ..
(0)
(0)
زائر
20/02/2018 في 3:20 م[3] رابط التعليق
كلام جميل واسلوب سلس للفهم فعلا تنمية الفكر منذ الصغر على الحقد والانانيه ينمي عادة سيئه لدى الطفل وقد تؤدي الى تفكك المجتمع عندما يكبر هذا الجيل احسنت ابو احمد
عدنان العبيدي
(0)
(0)
ابو فهد
29/04/2019 في 5:48 ص[3] رابط التعليق
كلام في الصميم شكرا ابواحمد
(0)
(0)