التجسس بانماطه المختلفة الفوقية والوسطى والدنيا . ما أدراك ما التجسس . شراء الذمم غير الوطنية أو منعدمة الوطنية أو من لا مواطنة له ، واختراق الدول المستهدفة من خلالهم . لا شك الدول المتقدمه تحسن مهارات التجسس ، وجبلت عليه ، ونبراسها ، ولديها مخزون ضمني في مجال التجسس ، وكذلك لديها معاهد متخصصة ومتقدمة ، ومتفوقة بالتدريب على علوم التجسس ومهاراته وتقنياته ، وخارطة الطريق في مضمار التجسس .

لا حدس الدول المتقدمة تتجسس على بعضها البعض انطلاقاً من مصالحها الإستراتيجية ، وفلسفتها النفعية أو البرجماتية ، وتتصنت بكل ما أوتيت من فنون التصنت من اجل معرفة توجهات النقيض وترساناته العسكرية ، وخططه المستقبلية ، والتوجهات السياسية ، وتطور نوعية الأسلحة في المقام الأول ، ومصانعها الحربية ، ومواطن القوة والضعف ، وتطور كياناته الاجتماعية . هذا دأبها وسعيها ما وسعها المسعى من أجل البقاء والتفوق ، والأستقرار الأمني ، ورغد العيش لمواطنيها ، ومصارعة الخصوم ، واستنزاف ثروات البلدان الضعيفة ، ومن المعلوم بالضرورة الدول أربع مستويات دول متقدمة طليعة المجتمعات المتحضرة ، ذات نبض ثقافي واقتصادي وصناعي وحضاري متقدم ، وتملك التقنية المتطوره والمتقدمة يصعب اختراقها أمنياً واستخباراتياً ودول نامية لا يمكن اختراقها بسهولة إلا بوجود عميل من جلدتها عملاء من البلد أو متحورين بالتجنس أو مستردين الجنسية يغلب عليهم الموطن الذي ولدوا فيه ، وعاشوا به رزحاً من الزمن ، ودول متخلفة يسهل اختراقها دون هوادة لتخلف انظمتها وهشاشة اداراتها الأمنية ، وانتشار الفساد بشطريه الإداري والمالي ، وضعف الطوق الاجتماعي ، وسياجها السياسي ، ويغلب عليها الحكم العسكري وتوارثه ، وخلوها من المؤسسات المدنية ، والجمعيات الضاغطة والخيرية ، ومخفسانية نعراتها العرقية ، وضعف مخرجاتها التربوية ، ودول شبه دول ، وليست دول إنما كيانات سياسية مجزأة تابع لاحد المعسكرين أو في ظل دول ، وشبختانية توجهاتها ، وهناك مستوى رابع دول الخروج أو ما تعرف بدول المروق أو دول التمرد والعصيان وعدم الإذعان تزاحم الدول المتقدمة يصعب اختراقها ولا يمكن اختراقها بسهولة إلا بخطط محكمة ومدروسة بعمق .

مما سبق أنفاً سنتناول في هذا المقال على سبيل المثال لا الحصر . عرض نموذج رجل مخابرات مزدوج بين محورين قوة نقيضين الفلسفة الراسمالية البرجماتية النفعية ، والفلسفة الشيوعية الجماعية المركزية البروليتاريا ، وهما روسيا وأمريكا باعتبارهما القطبين الأوحدين المعاصرين عصرنة هذا الزمان . انه الجاسوس / روبرت هانسن المولود في شيكاغو الامريكية بتاريخ ١٨/ أبريل ١٩٤٤م ، والمتوفي في كولورادو بتاريخ ٥/ يونيو ٢٠٢٣م خريج جامعة نورث وسترن الامريكية ، ووالده هاورد هانسن .

بداء حياته العملية موظفاً في مكتب التحقيقات الفدرالي استطاع تطوير ذاته ومهاراته وخبراته ، ويعد اخطر جاسوس مزدوج عرفه العصر المعاصر ، واستطاع ينزع ثقة رؤوساءه ، واحتواء زملاءه افقياً وعمودياً ، وكسبهم في صفه .

روبرت هانسن عميل سابق لمكتب الفدرالي الامريكي يتجسس لصالح المخابرات الروسية ضد موطنه الولايات المتحدة الامريكية من عام ٢٠٠١م باعتباره اسواء مخابراتية وتجسسية في تاريخ امريكا وخصوصاً وكالة المخابرات الامريكية CIA: اختراق منقطع النظير السياجات وجسور وتحصينات امريكا . سنة 1987 قامت المخابرات الاميركية بتكليف احد ضباطهم وهو "روبرت هانسن" بمهمة الكشف عن جاسوس زرعه الروس في جهاز المخابرات الامريكيةCIA .. وفي نهاية المطاف اكتشفوا بانهم كلفوا الجاسوس نفسه بالمهمة !

عمل روبرت لصالح المخابرات الروسية ل20 سنة وكان في نفس الوقت مدير لوحدة مكافحة التجسس الامريكية .

ياسادة الدول الكبرى يتغلب بعضها على بعض بالتجسس على بعضهم البعض والتصنت كلاً منهما على الأخر من اجل المصالح الوطنية والأمن القومي ولا حدس ان الدول النامية والمتخلفة محصول تجاربها منعدمة .

نورد بعض من الامثلة الحسية راعي في صحراء فلسطين دفع إسرائيل تتفحصه دورياً وقطيع أغنامه مغبة ان يكون جاسوساً لعدوها لأحدى الدول المعادية وان بضاعة استقدمة من سوق الحميدية بالشام خضعت للفحص الدقيق أربعون يوماً من اجل أتأكد خلوها من زرع اجهزة تجسسية أو تطوي فيروسات مضره بمجتمعها بما يعرف بالطوق الأمني الاستخباراتية من أجل مصالحها العليا . ان الباعة التي ترونها بجوار الثكانة العسكرية وعند مداخل ومخارج المعسكرات العسكرية والمدن العسكرية ، وعند مداخل الاحياء والمدن ما هم إلا مخابرات لدول خارجية لا تتضاعفهم مدربون على المخابرات واستحلاب المعلومات المطلوبة ، وتصيد الاخبار .

الفرق بين التجسس والاستخبارات ، فالاستخبارات لا تعني التجسس ، فالتجسس جزء من الاستخبارات ، فليس كل استخبارات تجسس إنما كل تجسس استخبارات وكلاهما وجهي عملة واحدة وصنوان مظلة واحدة ، فالاستخبارات مسؤلة عن تجنيد أفراد التجسس كعملاء دخلاء يقوموا بالمهمات الموكله إليهم ، ولا شك التجسس عميل سري خفي يمارس التجسس من جميع الزوايا الاجتماعية ، والمرافق الخدمية ، والثكنات العسكرية ، والدوريات الأمنية ، وجودتها من عدمها وكفاءتها من حيث جودة الحياة ، والخدمة المقدمة للمواطن والحياة الاجتماعية .

ينشط العميل بجمع المعلومات السرية السياسية والأمنية للاستخبارات ، ويصدر الشائعات المغرضة والمفسدة بشكل سري لصالح من غرسه ، والتجسس خلاف الاستخبارات ، فالتجسس يخترق الحواجز الإستخباراتية للدولة المستهدفة ، والاحترازات الأمنية ويجمع المعلومات من أفواه الناس والصحف والتقارير التي يحصل عليها بطريقته الخاصة ومن خلال التجمعات الاجتماعية بمحافل قاعات الافراح والمناسبات ، والاستراحات والمقاهي ، والأسواق واماكن التجمعات ، وحلقات الخضار والمواشي ، والاستجوابات ، ومراقبة حركة التنقلات المركبات وملافي وجرات القبائل في الرقاب ، ومداركها القبلية ومواردها .

أما الاستخبارات مناطها تصنيف وتبويب وتحليل ما يردها من معلومات من التجسس وتفسيره لصاحب القرار . ما يعرف بالاختراق الامثل بثلاثيته الحدية والحقيقية والكلية . يوصف التجسس بالقراد في دبر الجمل أو الناقة . والعرب بالجاهلية تصفه بالعين .

التجسس له مثالبه واضراره على مستوى الفرد والمجتمع أكبر ، ولا يخلو من معايب ومعايبه وأضراره وخيمة ، ولا يحمد عقباها ، والتجسس منهي عنه بنص الآية الكريمة بسورة الحجرات آية/ ١٢ بقوله تعالى( ولا تتجسسوا ) ، ودوافع التجسس الظن والريبة والظن منهي عنه بما ورد بسورة الحجرات والآية السالفتين أنفاً بقوله تعالى:( ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا الظن أن بعض الظن إثم ) الحجرات . أما الريبة ورد فيها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:( دع ما يريبك إلى مالا يريبك ) رواه الترمذي والنسائي حديثا حسن . وجمهور علماء الإسلام حملوا التحريم على الأفراد فيما بينها لانها موطن الشكوك والظغينة . اما السلطة فلا . بيدها دفع المفاسد وجلب المنافع فالمصلحة العامة راجحة فوق كل اعتبار يحق لها التحري والتوخي .

دام عزك ياوطن ، ودامت رموزك ، ودامت القيادة الرشيده ، ودام سلمانها خادم الحرمين الشريفين سلمان الحزم ضرغام العروبة . نجل المؤسس الأول وحفيد الإمام يرحمها الله ، وولي عهده الأمين محمد العزم رائد الرؤيه ومهندسها ، ومجفف منابع الأرهاب ، والحد من الفساد واستئصاله من جذوره .

بقلم/ خالد حسن الرويس