متى ينتهي عن سئ من أتى به ..
إذا لم يكن منه عليه تندم ..
عندما تجمعنا المجالس وتدور الأحاديث في شتى المواضيع والنقاشات حول الخلل والخطأ الذي يحدث في واقعنا اليومي.
ينبري كل منا في كيل التهم للأخر وانتقاده وكأنه قادم من كوكب أخر غير كوكبنا ، كوكب يعيش عالم الفوضى ويرغب في أفساد أمرنا ، رغم أننا جميعا في حقيقة الأمر قد نمارس نفس الأخطاء التي ننتقد الآخرين جرائها!
لا بل حتماً نمارسها إلا من رحم ربي.
إذا كان الجميع يدعي المثالية ، إذاً ماهي مصادر الأخطاء؟
هل هو عالم خفي يدخل عالمنا ويبعثر أوراقه ويغير مجراه و مساره ، وعلينا التكاتف لسن الرماح ضده؟
فحينما نرى من يعكس السير نتهمه بالتخلف وأنه متلاعب في أرواح الآخرين ويجب إيقاع اشد العقوبة في حقه وفي اليوم نفسه أو اليوم الأخر أو حتى اللحظة نمارس أسلوبه بكل بساطة!
حين نسمع أن شخصاً ما يغتاب الآخرين ويفسد ودهم ويهدم علاقاتهم ننبري ضده ونشذب ونستنكر سوء صنيعه. ونقرا المعوذات من شره.
وفي نفس المجلس وقبل ان ينفض جمعه نغتاب هذا وننتقص ذاك ، وبشكل أشنع منه وكأننا منزهين ومن الذنوب منقحين ، وعن النقد محصنين والإثم ليس له باباً علينا!
حين نرى المخلفات وكثيراً من القاذورات في الأماكن والمنتزهات التي نرتادها، نشذب ونستنكر وندعو بالويل والثبور لذاك الفاعل المجهول ، وعندما نغادر المكان نفسه نكون قد عثنا فيه خراب ودمار!
حينما نرى العبث في الممتلكات العامة وإفساد جمالها من قبل الآخر تشمئز نفوسنا وتنقبض قلوبنا وتنطلق انتقاداتنا ، رغم إننا كنا شركاء في هذا العبث بشكل مباشر أو غير مباشر!
حينما نسمع قصيدة عصماء عن التخاذل والخيانة عن الغدر وعدم الأمانة ، نرددها بكل ألم وكأن المصاب فينا جلل رغم ان ماتصفه قد تكون صفه فينا وسجيه من سجايانا لأننا جميعاً ندعي مثالية مزيفة!
المسؤول حينما يظهر في وسائل الأعلام أو أمام الملا يبدأ بإلقاء الدروس الفاضلة حول القيم والمبادئ الحميدة .
يشذب الفساد يمقته ، يتوعد المفسدين يعد بمعاقبة المذنبين ظاهرياً وهو يخالف دروسه ويمارس في الخفاء طقوسه؟
السائق حينما يقود مركبته باستهتار مخالف ابسط قواعد النظام حينما يرى غيره يرتكب نفس أخطائه يسب ويسخط ويتهم الأخر بالتخلف وسوء التصرف!
قس على ذلك كل شئون حياتنا.
إذن كيف يصلح الخلل وكيف يرتفع الخطأ ونحن جميعاً ندعي المثالية الزائفة؟
الأدهاء والأمر من ذلك كله ، عندما يواجهنا أحد المسؤولين أو أحد الموظفين أو أحد رجال الأمن بتطبيق النظام بصرامة نتهمه بعدم الرجولة وننعته بأقسى عبارة بالعامية هذا ( مافيه خير ) !!!!؟
أن لم نعترف بأخطائنا وإصلاح ذواتنا من الداخل فلن يصلح شأننا. ولن تستقيم أمورنا وسنبقى في قائمة الشعوب المتخلفة شئنا أم أبينا.
وإذا امرؤ لا عقل يرشده .. ولا أدب فيكيف نعده إنساناً..
فأن أردنا الأصلاح الحقيقي في كل شئون حياتنا فعلينا ان نرفع ونُفعّل شعار:-
(( لا للمثالية المزيفة ، نعم للاعتراف بالخطأ ))
وعلينا البدء في تغيير ذواتنا ، فالتغير الحقيقي يبدأ من داخل كل فرداً فينا ..
دمتم بود ..