يعتقد بعض الناس خطأً، بأن الكتب الورقية ستصبح في قادم السنين القليلة رهينة المكتبات العامة، يكسوها الغبار، وتغزوها الحشرات القارضة من كل جانب، نتيجة لظهور الكتب الالكترونية والتي أخذت تنتشر على نطاق واسع في ظل ما يشهده عالمنا اليوم، من تطور تكنولوجي وتقني ورقمي وثروة معلوماتية عارمة، ولأهمية ذلك، يحسن بنا القول بأن الكتب الالكترونية، لا شك أنها أصبحت في متناول مُعظم الناس، وبإمكان أي فرد منهم الحصول على ما يريد من معلومات بكل يسر وسهولة، ناهيكم عن قلة تكلفة طباعتها، وتخزين الآلاف منها في مساحة صغيرة بجهاز الكمبيوتر، وتداولها مع الغير في أي وقت وبأي لغة وبالمجان لمجرد ضغطة زر، بالإضافة للتحكم في حجم حروفها للوصول إلى الأفضل للقراءة لمن لديه ضعف نظر، غير أنها في الوقت نفسه تؤدي إلى إجهاد العينين من جراء انعكاس الضوء المُبهر الصادر من شاشة الجهاز الالكترونية، وإلى حدوث آلام في الرقبة والكتفين، ومتاعب جمة في الظهر، وهو ما يُحتم الابتعاد عن هذه الشاشة بمقدار متر، وتحت مستوى النظر بما لا يقل عن 12درجة، عدا استحالة الإستفادة منها في حالة انقطاع التيار الكهربائي وتعطل شبكة الانترنيت والتي تُمثل عصب الحياة الحاضرة وعدم توفر مُتخصصين لإصلاحها وقتما تتعطل ، علاوة على تعرضها للقرصنة والسرقة والتزوير والتلاعب في محتواها، بينما الكتب الورقية تأخذ صفة الديمومة والسلامة من التلف في الغالب الأعم بدليل أن أكثريتها لا تزال بين أيدينا حتى اليوم منذ آلاف السنين، زد على ذلك بأن قراءتها مُجلبة للراحة والهدوء، ومرنة التصفح ودونما ضرر يلحق بالعينين أو بعموم الجسم، وبإمكان القارئ أن يضع خطوط عريضة تحت الأسطر المهمة أو القيام بثني الصفحة التي توقف عندها، أو وضع قصاصة ورقية داخلية لتسجيل الملاحظات أو التعليقات عليها، بالإضافة لتوفر عنصر التركيز والفهم والاستيعاب والاسترجاع لاسيما الأطفال والمبتدئين في القراءة والكتابة، وخلوها من التشتت الذهني مُقارنة بالكتب الالكترونية والتي كثيراً ما تتعرض لدخول برامج قد تكون مشابهة أو إعلانات مفاجئة تعكر المزاج، كما وأنها لا تحتاج لطاقة كهربائية أو إلى أنترنيت يتوقف عطاءها بتعطل تلكمُ الأجهزة، وفوق هذا وذاك تعتبر المُمول الأساسي والأصيل للكتب الالكترونية لما حفظته بين جلدتيها من وقائع تاريخية موغلة في القديم، واكتشافات وابتكارات وتجارب علمية رائدة لا تزال مُنطلقاً رحباً في عالم الكون والحياة وغيرها من الفنون الأدبية والتراثية، وما يهم الباحث والدارس لتوثيق معلوماته التي استقاها من باحثين مماثلين أو من كتب مُعتبرة لإثراء أبحاثه من باب الأمانة العلمية. قال الجاحظ في أهمية الكتاب ( أوفى صديقٍ إنْ خلوتُ كتابي ألهُو بهِ إنْ خانني أصحابي*لا مُفشياً سرّاً إذا أودَعْتُهُ وأفوزُ منهُ بحكمةٍ وصوابِ) فيما قال الكاتب علي الضويلع بأحد أعداد مجلة القافلة التي تصدرها شركة أرامكو السعودية ( بأن التفاعل مع الكتاب الورقي أمر ممتاز جداً، وهذا لا يكون مع الكتاب الرقمي، ذلك لأن الكتاب الرقمي ينتمي إلى عالم لا يزال وفق قوانين الحاضر عبارة عن ثقب أسود، يجدر بالكتاب أن يكون فيزيائياً، لا متافيزيائياً، أن تذكر ملمسه وصفته ووزنه في يدك وتنغمر به لتشكل معه وعياً واحداً تقريباً) من ناحية أخرى كم آسفنا ذات مرة قيام شخص برمي ما لديه من كتب متنوعة في حاوية نفايات مجاورة لمنزله بحجة أنه لا داعي لها ما دام هناك بديلاً عنها ممثلاً بالكتب الالكترونية، متجاهلاً بذلك ما تحمله هذه الكتب الورقية من علوم نافعة والبسملة التي تتصدرها، وهي تشتمل على أسم الله الأعظم وبخاصة الكتب الإسلامية، وكان الأولى به إعطائها لمكتبات تُعنى بالكتب المستعملة، وما أكثرها في بعض مناطق المملكة لإتاحة الفرصة أمام كل مُتعلم وعاشق للكتب من ذو الدخل المحدود شرائها بسعر مناسب، أما ذلكم الشخص، الذي أهداه صديقه المؤلف كتاباً جديداً لمحبته له، فبدلاً من أن يشكره ويقدر مشاعره قال له على الفور، نحن اليوم لسنا بحاجة لأي كتاب طالما الشيخ ( قوقل رهن اشارتنا ) على أية حال لا جرم في الإستفادة من مصادر التعلّم كيفما كانت، طالما هي تساهم في تغذية العقل واتساع المدارك وتنمية التفكير، بما يحتاجه الإنسان من علوم وفنون ومعارف عامة وثقافات وكل ما يثريه لغوياً، شبيهاً بذلك بتغذية الجسم بالطعام لأجل القيام بأعباء الحياة، وتغذية الروح بالإيمان بالله، للحصول على راحة البال والانسجام التام مع متغيرات الحياة، كما ندب لذلك الإسلام بقول الله تعالى( يَرْفَعُ اللهُ الذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ والذِينَ أُوتوا العِلْمَ دَرجاتٍ ) وفي الحديث( مَن سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سهل الله طريقه للجنة ) أما خير كتاب يتوجب قراءته مراراً وتكراراً، على اعتباره منهج حياة شامل ومتكامل فهو كتاب الله الذي( لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) والذي به يزداد إيمان الإنسان ويقينه بربه جلّ وعلى، ويعلو شأنه، وبه يُجاهد نفسه الأمارة بالسوء وهوى الشيطان ومكائده وله بكل حرف يقرأه حسنة، فيه شفاء، ونور وهداية وموعظة، وبشير ونذير وأنيس في القبر، وشفيع يوم القيامة لمن تدبر آياته، وطبقها قولاً وعملاً، قال صلى الله عليه وسلم: تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي، أما في الدار الآخرة، فهناك كتاباً ( لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ) لم يراه أي انسان طيلة حياته بالرغم من ملازمته له، كتبته الملائكة بأمر ربها جلّ جلاله، وليس من مؤلفات البشر سيُسلم له يوم التناد، ويُقال له حينئذ ﴿ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا)﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ*فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً*وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً*وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ*فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً*وَيَصْلَى سَعِيراً ﴾ وبالله التوفيق.
- بحضور الفيصل… الرئيس الفرنسي يفتتح أولمبياد باريس 2024
- الهلال يخسر ودية صن داونز الجنوب إفريقي في ثالث تجاربه بمعسكره الخارجي بالنمسا
- ضبط مواطن بالقصيم لترويجه (7) كجم من مادة الحشيش المخدر وأقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي
- قتل 4 أشخاص في أمريكا.. مرض خطير ينتشر بين الفئران ويؤدي لوفاة البشر!
- «توكلنا»: إضافة هويات وجوازات المحتضنين لمن أعمارهم 18 سنة أو أقل
- توضيح مهم من مساند بشأن التأمين على العمالة
- “جرعة صحة” تطرح مسببات مرض النقرس والوقاية منه
- “عش بصحة” تستعرض الخطوات اللازمة لحماية طفلك من الغرق في المسبح
- خطوات إصدار بطاقة هوية وطنية بدل مفقود عبر منصة “أبشر”
- “المرور” يوضح شروط خدمة تمديد مهلة سداد المخالفات
- “الغطاء النباتي” ينظم فعاليات وفرص تطوعية احتفاءً “بيوم المانجروف” في عدداً من المناطق
- سكك حديد فرنسا تتعرض لهجوم قبيل حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024
- “مكافحة المخدرات” بالمرصاد لترويج الحشيش والإمفيتامين والأقراص المحظورة في 3 مناطق
- تحديد معيار المنشآت المستهدفة في المجموعة “14” لـ”الربط والتكامل” من الفوترة الإلكترونية
- حادثة «الرين – بيشة».. وفاة وإصابة 23 في تصادم 14 سيارة
05/04/2024 12:04 م
عبد الفتاح أحمد الريس
0
1991926
![](https://www.adwaalwatan.com/wp-content/plugins/like-dislike-counter-for-posts-pages-and-comments/images/down.png)
![](https://www.adwaalwatan.com/wp-content/plugins/like-dislike-counter-for-posts-pages-and-comments/images/up.png)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3596567/