سامحك الله يا ابن خلدون الحضرمي, العزاء الوحيد هو أنك اجتهدت وبحثت وأنجزت, جئت في غير زمانك؛ طفرة كنت. لابن خلدون نظرية هي نظرية الغالب والمغلوب. حقيقة لا يمكن أن نقول بأنها نظرية لأن النظرية في البحث العلمي لها شروطها وخصائصها, إنها مجرد فرضية مبنية على ملاحظات وقراءات الرجل الفذ ابن خلدون. يعنون ابن خلدون فصلا بهذا العنوان: إن المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده. وعنوان الفصل يغني عن قراءة الفصل كله.
يتشكل في وجدان المغلوب إحساس؛ شعوري أو لا شعوري, بالضعة والدونية, ومن ثم بالتبعية, لاعتقاده بكمال الغالب. وسلوكيا يتبدى ذلك في الإعجاب بالغالب ويتمثل ذلك الإعجاب في تقليده ومحاكاته في ملبسه وتسريحة شعره وسماع أغانيه وترديدها وتعلم لغته والتحدث بها في غير سياق يحتاج لذلك وتقمص شخصيات المشهورين منهم كالفنانين ولاعبي كرة القدم وأبطال السينما والمسلسلات وغير ذلك كثير. و يا ليت أن التقليد والمحاكاة تكون في مجال الإبداع والفكر والإنجاز العلمي, بل في شكليات ومظاهر غير ذات شأن أو فائدة لا لشخصه ولا لأمته سوى العبث الغير متناه, بل غالبا ما تتناقض وقيمنا وتراثنا, وأهم من ذلك عقيدتنا. نرى مسخًا قبيحا ليس إلا, إذ يجاهد أحدهم لينسلخ من جلده ولن يجد لجلده بديلا.
الجنائيون اذا تعقدت لديهم قضية جنائية يرجعون إلى قاعدة هامة, وهي: ابحث عن المستفيد. أعداؤنا وجدو هذه العقلية قدمت اليهم على طبق من ذهب. إن في ميوعة شباب الأمة مصلحة هامة لخصومنا, فمثل هذه الشخصيات أقرب لضياع قضايانا, ولعلنا نرى من شبابنا من يدافع عن قضايا لا تعنينا وفي نفس الوقت يتنكرون لقضايا أمتنا, وقد يتناولون قضايانا على استحياء أو بلا مبالاة.
نحن أمام وباء سهل تشخيصه, وقد تم تشخيصه بالفعل. لكن التحدي يكمن في ما بعد التشخيص. نحن في حاجة لترميم واحدة من أهم القيم الاجتماعية في عصرنا, إنها الهوية, الوعي الصحي بالهوية, وتفعيل وترقية الهوية إلي مستوى الاعتقاد. من يعي حقيقة هويته ويتعامل معها بمسؤولية سيربأ بنفسه عن إلحاق الأذى بأمته.
إن فكرة إتباع الغالب للمغلوب نحتاج إلى مقاومتها بمفهوم حضاري بسيط وهو أن هذا يكون عند الأمم الأقرب إلى البدائية والتي لم تزل تحمل شيئا من بقايا الإنسان الهمجي. إنه مفهوم القطيع, وهذا مفهوم يليق أن يكون سلوكًا حيوانيًّا وليس سلوك إنسان مثقف متعلم. لدينا القدرة الآن في أن نروض مفاهيمنا وسلوكنا بالوعي وتعزيزه وتكريسه وتنمية الاعتقاد بأننا قادرون على إدارة ذواتنا وسلوكياتنا, وهذا هو الوعي الناضج. نحن مؤهلون تماما لاستعادة هيبتنا وكرامتنا وترميم ما لحق بها من تشوه بسبب الغيبوبة الفكرية التي ألمت بنا وألحقت الأذى بسلوكياتنا وبسمعتنا وجعلت بيننا وبين التنمية الحقيقية عوائق ومتاريس ومتاهات لا متناهية. إنها الهوية الإيجابية التي نحتاج إلى استعادتها وترميمها وإعادة صياغتها.
وانطلاقا من ضرورة التعامل مع طموحات برنامج التحول الوطني 2030, يتوجب علينا محاربة المعوقات على جميع الجبهات, لذا, فإننا في أمس الحاجة إلى النائمين من علماء الاجتماع وعلماء النفس والوعاظ والمهتمين بتطوير الذات والفلاسفة والمفكرين والإعلاميين, عليهم أن ينزلوا من أبراجهم العاجية, وأن يتعاملوا مع هذا الشأن مستثمرين خبراتهم وإمكانياتهم الأكاديمية وتراكماتهم المعرفية, قبل أن تتفاقم هذه القضية, وقد تستعصي على العلاج. نحتاج إلى هبَّة تتضافر فيها جهود كل هؤلاء لتصحيح مسار هويتنا قبل أن تضيع كما ضاعت أشياء أخرى ثمينة جدا بسبب خمولنا وتفريطنا وعدم شعورنا بالمسؤولية. وأخيرًا فإني موجوعٌ بالشروخ التي تمس هويتنا.
- خطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن حميد: الكريم من يحفظ الجميل فيستر جميلا صنعه وينشر جميلا صنع له
- إمام المسجد النبوي: إحياء معاني الأخوة الصادقة مطلب ديني ودنيوي
- “العقار”: 21,312 زيارة توعوية للمنشآت العقارية في جميع المناطق خلال الربع الأول لـ 2024م
- 8 أنواع حساء صحية تساعد في إنقاص الوزن
- 10 عادات قد تجعلك أكثر ذكاءً مع التقدم في السن
- «آبل» تعتذر بعد إعلان أثار جدلاً بشأن الذكاء الاصطناعي
- «الأرصاد»: مكة المكرمة الأعلى حرارة بـ44 درجة.. والسودة الأدنى
- مدير برنامج الاستمطار: نستهدف التأثير على السحب الناشئة في بداية تكونها
- استشارية: 3 نصائح لمن ترغب في أداء فريضة الحج
- أدوية التنحيف أشد خطراً.. وقد تقود للانتحار !
- الأرصاد عن طقس الجمعة: أمطار رعدية مصحوبة برياح مثيرة للأتربة على عدة مناطق
- وكيل محايل يقف ميدانيًا على آثار حريق المتاجر .. ويوجّه بالتحقيق العاجل لمعرفة الأسباب
- بثلاثية الأخدود .. النصر يحكم القبضة على الوصافة
- استشارية: نحتاج لإعادة النظر في سن التقاعد لتفادي أمراض الشيخوخة الشائعة كالاكتئاب
- الهيئة العامة للطرق تعلن جاهزية طرق مكة المكرمة لاستقبال ضيوف الرحمن بعد تنفيذ حزمة من الأعمال
المقالات > تقليد المغلوب للغالب
تقليد المغلوب للغالب
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3189948/