لم يكن للجزائر وهي التي عانت من ويلات الحرب الأهلية وذاقت مرارة العنف والدمار فيما يعرف بالعشرية السوداء من طريق آخر تسلكه غير الذي ترسم ملامحه الاحتجاجات الشعبية العارمة وتصوره مظاهر الرفض التي أبداها الجزائريون وقد صرخوا مجابهين ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة .
فاليوم وإن كانت مثيلات هذه الاحتجاجات قد تفجرت أيام الإنتخابات الجزائرية في 2014 فإنها تنذر بوصول الأوضاع إلى مرحلة لا قبل للبلاد بها، ذلك أن بداية الاحتجاجات الشعبية كانت رفضاً لنية الرئيس الجزائري أو من وراءه الترشح للرئاسيات لتتوسع مع إعلان مدير الحملة الإنتخابية لبوتفليقة عبد الغني زعلان والذي عُيّن حديثاً خلفاً لعبد المالك سلال قبل يومين، تقديمه رسمياً ملف الترشح نيابة عن الرئيس الجزائري الذي يمكث خارج البلاد ويصارع حالة صحية قاسية لا تخفى على بصير.
من المثير حقاً أن تحافظ الجزائر على هدوئها أيام كانت دول الجوار تجتاحها ثورات شعبية أطاحت بأنظمة تجانس نظام بوتفليقة صبغة وتقاربه سناً، لتشق اليوم طريقها منفردة رغم الكابوس السوري الذي لن يكون لكل محذّر ومخوّف من الثورات الشعبية من مثل يضربه أبلغ منه ويختار شعبها زمانه وطريقته ولحظة فورته كما وأنه كان يستجمع أسبابها ويراقب الكأس حتى تفيض، وهو أمر بلا شك يوحي بأن رفض ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة لم يكن إلا غيضاً من فيض وأن الأسباب السياسية والاجتماعية الكامنة وراء الاحتجاجات الجزائرية أعمق من أن يختزلها ملف ترشح لم يعلن المجلس الدستوري قبوله من رفضه بعد
ومهما يكن من أمر، فإن الأوضاع في الجزائر مرشحة للتطور والجماهير الغاضبة مقبلة على التصعيد خاصة إذا ما أعلن المجلس الدستوري الجزائري رسمياً قبول ملف ترشح بوتفليقة، وهو الأرجح، ما يجعل المسار الاحتجاجي الذي بدأ سلمياً ومختصراً للمطالب في رفض الترشح لعهدة رئاسية خامسة يتجه سريعاً إلى مطالبة برحيل النظام، والقائمين عليه، ما يعني ثورة شعبية في البلاد.
لا منفعة لأي طرف من الأطراف المعنية بالوضع الجزائري في انهيار الوضع القائم في الجزائر، بدأً من دول الخليج العربي ومروراً بمصر إلى دول الجوار المغربي، فتونس مثلاً سينالها ضرر سياسي وإقتصادي وأمني كبير إذا ما تطورت الأوضاع إلى ما لا يحمد عقباه، فالبلاد تشترك والجزائر في حدود ملتهبة تمثل معقلاً لأطراف إرهابية تتربص بأمنها وتلتمس فرصة تسمح لها بالتحرك، كما أن السوق الجزائرية مثلت متنفساُ تونسياً سواء من الناحية التجارية أو حتى السياحية، والجزائر بلا شك تمثل عمقاً إستراتيجيا لتونس تنامى مع التفاهم الجزائري التونسي في مرحلة ما بعد بن علي ودفع نحوه الغياب السياسي الذي سببته الأزمة الليبية التي تراوح مكانها، ليس ذلك فحسب، بل إن الرفض الشعبي الجزائري لترشح بوتفليقة مجدداً للإنتخابات الرئاسية وإن لم يتطور إلى أبعد من ذلك فستعمل أطراف تونسية داخلية على استنساخه ربما رفضاً لترشح الرئيس التونسي الحالي الباجي قائد السبسي تعويلاً على حجة تقدمه في السن مثلاً، خاصة وأن خارطة الأحزاب السياسية التونسية طالها التغيير بشكل غير مسبوق حيث كان آخرها ولادة حزب جديد لرئيس الحكومة الحالية منشقاً عن حزب الرئيس التونسي.
إن الأزمة العربية فيما يخص تنامي الثورات وإندلاعها وخمودها هو الجانب الخارجي، فإن لم يكن تصريح رئيس الأركان الجزائري الأخير حول مخاطر العودة إلى سنوات الجمر والدمار فيما فهم كتهديد ضمني باستخدام القوة ضد المحتجين سوى تصريف سياسي للواقع واستخدام تقليدي لأسلوب التخويف من كابوس التسعينات مل الجزائريون أنفسهم من سماعه إلا أن الواقع لا يدفع لاستبعاد أطراف دولية للتدخل في الشأن الجزائري إذا انفجرت الأوضاع وانزلقت نحو عنف أهلي، فإن كانت فرنسا ترى في الجزائر أكبر مستعمراتها السابقة وأكثرها جدارة بالاهتمام فإن الولايات المتحدة لن تضيع فرصة لتكريس نفوذها جنوب المتوسط في حين أن الدب الروسي المتعطش لاسترجاع دوره الدولي وتثبيت وجوده في أي موقع يمكنه فيه ذلك لن يتوانى عن التدخل أيضاً وهو الذي عرف كحليف تقليدي للجمهورية الشعبية الجزائرية وهو الذي نجح في فرض رؤيته كأمر واقع في الشأن السوري رغماُ عن الجميع !
وبين هذا وذاك فإن ما نتمناه أن يتعقل الذين يديرون العملية السياسية في الجزائر ويحكمون عبر رئيس مُثل به كأفظع ما يكون التمثيل ويتجنبوا طريق العنف وطريق الهروب إلى الأمام وينهوا الأزمة المتطورة في الجزائر بتصالح منطقي مع الجماهير الجزائرية، رغم أن السياسة والتحليل الإستراتيجي لا يعرف التمني !
- “السديس” يطبق مبدأ التعايش السلمي قولًا وفعلًا ليعكس للعالم الرسالة الوسطية
- وزير الخارجية: غزة تحتاج 30 عامًا لإعادة البناء بعد الحرب الإسرائيلية على القطاع
- إحباط تهريب 11 كيلوجرامًا من الحشيش المخدر في عسير
- رسمياً.. الزي الوطني إلزامي لموظفي الجهات الحكومية
- مركز التأهيل الشامل بحائل يسلّم تقرير الربع الأول للعام 2024 لمدير عام فرع الوزارة
- تحمل 4 أهداف.. “20 مواصفة قياسية في بيئة العمل” تُصدِرها “المواصفات”
- «الطيران المدني»: تشغيل رحلات منتظمة للخطوط الصينية إلى السعودية.. ابتداء من 6 مايو
- بينها القنوات والملف الشخصي ومشاركة الموقع.. ميزات جديدة في “تليغرام”
- وزير الصحة يعلن عن مبادرة لاستئصال شلل الأطفال عالميًّا بالشراكة مع مؤسسة غيتس
- أمير منطقة الجوف يدشن فعاليات أسبوع البيئة 2024
- تنبيهات لمرضى الربو.. دليلك لـ”الوقاية من موجة الغبار”
- بلدية العقيق تعالج الهبوط الأرضي بطريق الرياض
- «المرور» تحث على المبادرة بسداد المخالفات المرورية المتراكمة والاستفادة من التخفيض
- أمير حائل يُدشِّن فعاليات أسبوع البيئة تحت شعار “بيئتك تعرفك”
- بـ4 شروط.. “الجوازات”: خدمة تسجيل بلاغ التغيب للعمالة المنزلية متاحة عبر “أبشر”
المقالات > الجزائر.. إذ تغلي شوارعها
الجزائر.. إذ تغلي شوارعها
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3304537/