دعا خبراء ومختصين إلى ضرورة مواجهة الإسلاموفوبيا التي بدأت تتصاعد في المجتمعات الغربية، وتسببت في بث الكراهية والتطرف ضد المسلمين حتى في المجتمع الأوروبي نفسه، وأكدوا إلى وجود حاجة ماسة للتنسيق بين مؤسسات العالم الإسلامي الدينية والتعليمية الرسمية التي تعمل بمختلف الدول لتوحيد جهودها وزيادة تأثيرها بنشر قيم الإسلام المعتدل.
وعلى هامش مهرجان منظمة التعاون الإسلامي الأول التي تستضيفها جمهورية مصر العربية، عُقدت ندوة « وجها الكراهية الإرهاب الإسلاموفوبيا.. نحو فهم بنيوي للعلاقة بين وجهي التطرف في العلاقة بين الغرب والإسلام» ، وقدمتها المديرة العامة للشؤون الثقافية والإجتماعية وشؤون الأسرة في الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي مهلة أحمد طالبنا، واستعرضت خلالها جوانب من النظرة الغربية المتحاملة على الإسلام.
من جهته، قال السفير الأفغاني في مصر الدكتور محمد محق، أن الجميع يسأل إن كان هناك علاقة بين التعليم والإرهاب؟، والحقيقة أننا مع إعادة فلسفة التعليم ونشر النقد وتطويره “ولاشك أن للتعليم دور مهم وأساسي في تكوين العقلية والشخصية للإنسان”.
وأشار إلى أنه لا يمكن إنكار ظاهرة الإسلاموفوبيا الآخذة في تصاعد بالعالم الغربي، وقال: « مع الأسف، تستخدم ظاهرة الإسلاموفبيا من قبل أيدي خفية والعديد من الدول أصبحت ضحية لهذه الظاهرة فالتطرف منتشر إلى حد كبير ».
ورفض السفير الأفغاني اتهام الأنظمة التعليمية بأنها من أسباب انتشار التطرف، ولكن عاد وقال يجب « إعادة النظر في فلسفتها»، وأضاف:« طرق تدريس التعليم مختلفة من كل دولة إلى دولة ويجب عدم تحميلها كل هذه المسؤولية، ولابد من نشر القيم والاعتدال والتسامح في عالمنا الإسلامي»، مثنياً على الدور الكبير لعلماء المسلمين الأوائل الذين نقلوا العلم لحضارات العالم. وأكد أن هناك حاجة إلى « عودة جديدة لفلسفة التعليم».
إلى ذلك، قال منسق عام مرصد الأزهر الدكتور محمد عبدالفضيل في ورقته، أن أزمة الإسلاموفوبيا هي « أزمة مركبة تشترك فيها أطراف عدة، ولابد من مواجهتها، فاليمين المتطرف مثلاً أسهم في تعزيز هذه الظاهرة ونشرها في المجتمعات الأوروبية، وأيضاً التصريحات وحملات الانتخابات السياسية ضاعفت من نشر الكراهية ضد المسلمين، حتى دفعت الحالة بعض المواطنيين الأوروبين مهاجمة مواطنهم المسلم لأنه مسلم فقط!».
وأضاف:« الأسباب التي ساهمت في ذلك كثيرة ومنها، بعض البرامج الإعلامية التي أسهمت في تغذية عقل المواطن الأوروبي وتحولت إلى مؤسسات نفعية في المقام الأول، وهناك تقصير في بعض المؤسسات والمنظمات الإسلامية، ومن أجل مكافحة ذلك يجب استثمار دور المساجد لتكون مؤثرة أكثر من أي وقت مضى، والاستفادة من مراكز الدين وتعليم اللغة العربية المنتشرة حول العالم والمصرح لها رسمياً بالعمل».
واستعرض مدير إدارة الحوار والتواصل في الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور بشير الأنصاري تجربته منذ ولادته في أفغانستان وانتقاله بعدها للحياة في أميركا، ومعايشته للإسلاموفوبيا على حد قوله.
وقال الأنصاري:« تجربتي تكمن في أنني ولدت في أفغانستان وانتقلت للحياة في أميركا ولذلك عشت الإسلاموفوبيا عن قرب، (…) الحملة ضد الإسلام أثبتت بث التطرف والكراهية في صفوف المسلمين ، والحقيقة أن الدراسات تقول أن الكراهية زادت بنسبة خمس مرات عن السابق في السنوات الماضية في المجتمعات الغربية، والمحرضين على الإرهاب والمحرضين على الإسلام مولودون من نفس بطن الكراهية».
وأكد أن « الإسلاموفوبيا لاتمثل الغرب فالإرهاب أيضاً لايمثل الإسلام»، ونوه بدور المنظمة المهم في مكافحة التطرف ونشر الإسلام وقيمه وتنفيدها لقرارات وزراء الخارجية في دول التعاون الإسلامي.
وأوضح أن مهرجان المنظمة في نسخته الأولى،« فرصة تم إطلاقها لمكافحة الإرهاب والتطرف، ويجب مكافحة الإرهاب فنحن في دائرته بالعالم الإسلامي وأكثر المتضررين»، وتابع:«نحن أيضاً بحاجة إلى بناء الجسور والزيارات فيما يتعلق بالحرب على هذه الظاهرة لمكافحة الإرهاب».
إلى ذلك قال أحمد المسلماني المستشار الإعلامي للرئيس المصري السابق عدلي منصور، أن جغرافيا المنطقة تغيرت وأصبح من أطرافها جماعات التطرف، مشيراً إلى أن الأمة الإسلامية في خطر وتعاني من معضلة التطرف.
ورفض المسلماني ربط الفقر والجهل بأنه سبب من أسباب الإرهاب، وقال إن أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وأنور العولقي كانوا أثرياء وحصلوا على مراحل متقدمة بتخصصات غير شرعية ولم يكونوا جاهلين، ولذلك تهمة الفقر والجهل لم تكن يوماً سبباً للإرهاب، فهناك الملايين من المسلمين فقراء ولكنهم يملكون نبل الإسلام ووسطيته.
ولفت إلى ما أسماه « مشكلة المسلمين الجدد الذين انتقلوا إلى ساحات الجهاديين، وأيضاً الباحثين عن الإسلام عبر محركات البحث في شبكة الإنترنت وحصولهم على معلومات مضطربة ومتخلفة عن الإسلام»، معتبراً أن نشر الوعي يواجه الإرهاب والتطرف أينما حل.