في صبيحة يوم جمعة من أيام المدينة الصائفة وبعد ليلة ليلاء خالط النوم قليلُ من السُكنى وكثيرّ غير ذلك، نادت المآذن لصلاة الفجر لتقر عيون الموحدين وتتلذذ ارواح العاشقين.
تسارعت الخطُى نحو المسجد، وأي مسجد!!
هذا قباءُ تشع من جنباته ..
أنوار خير العالمين محمدُ ..
هذا قباء الطهر في محرابه ..
فاح العبير ولاح فجر السؤدد..(١)
انتهت الصلاة سريعاً وجالست صديقاً زاملني كثيراً في بعض أسفاري حيث علِق قلبه بفتاة من أقاصي آسيا فتزوج واستقر في سيؤول – عاصمة كوريا الجنوبية –
أنه الحب ياسادة !!
“فلولا الحب ماالتف الغصن على الغصن في الغابة النائية، ولا عطف الظبي على الظبي في الكناس البعيدة..
ولولا الحب مابكى الغمام لجدب الأرض ولا ضحكت الأرض بزهر الربيع ولا كانت الحياة ..”(٢)
استقر بِنَا المجلس على عتبات مسجد قباء نودع النسيم العليل الممزوج بتاريخ قباء وروحانيته متأملين أفواج الزائرين من أصقاع الأرض ممن شدوا الرحال ليلوذوا بطيبة الطيبة عن صخب الحياة وضجيجها.
بفضول عجزت أُخفيه وانا أسأل صديقي عن أكثر مالفت انتباهه من عادات الكوريين وطباعهم.
فقال ..
على الرغم أن الكوريين يتأخرون كثيراً في الزواج والجنس الكوري مهدد بالانقراض لقلة الإنجاب، لكنهم يتميزون كثيراً بالترابط الأسرى القوي ويحرصون على تكوين أسرة سعيدة ومتكاتفة، حيث يعتبرون من أكثر الشعوب تعاوناً ومشاركة في المناسبات والزواج وإنجاز الأعمال.
ليس للكوريين دين سائد فأغلب ديانتهم ومعتقداتهم وثنية حيث يعبدون قبور الأسلاف والنشاط الإسلامي والدعوي محدود وعلى استحياء في بعض المساجد والتجمعات الاسلامية ..
كما للكوريين عادات لايليق لكل زائر أو مقيم أن يسخر منها كإخفاء أحذيتهم كل سنة حتى لا تعثر عليها الأرواح الشريرة وتؤذيهم فأكثر مايخيفهم هو سوء الحظ وشؤم الطالع .. ولا تجد في مصاعد كثير من الأبنية الرقم 4 حيث يتشاءمون منه كثيراً..
مالا يستسيغه ولايقبله الكوريين “البخشيش” أو “Tip” فيكفي أن تدفع فاتورتك وتشكر من خدمك وتكمل طريقك ..
استرسل صديقي وعينه على ساعته لقرب رحلته مغادراً المدينة .. قائلاً :
الموضات الغريبة عند الشباب من الجنسين أكثر من يلفت الزائر لتلك البلدان ..
فالفتيات يعشقن اللون الأسود ولا يألين جهداً في تسمير أجسادهن وخصوصاً الوجه وأما الشباب فيدفعون اموالاً طائلة في جعل أسنانهم ناتئة ومزدوجة .. ويرون في هذا نوع من الحسن والجاذبية. كما لايعبّرون عن حبهم بالأحمر حيث يعتبر اللون الأحمر من ألوان الموت وسوء الطالع. ويتعامل الرجال مع شريكاتهم بكثير من الاهتمام والولاء حيث يعتبرون حملهم لحقائب نسائهم نوع من الرجوله وتعبيراً عن الحب والاهتمام ..
من ما أُكبره كثيراً في الكوريين هو احترامهم لكبار السن وتقديرهم الشديد لفارق السن فلايزاحمونهم في الجلوس على مقاعد القطار او الدخول للأماكن العامه ..
سألته عن عادات الاكل وخصوصاً مالا استسيغه شخصياً وهو الارتشاف ..
أجاب ..
صحيح نحن العرب لانستسيغ “الارتشاف” حيث الضيف يتناول الأكل بصوت عالٍ ليسمعه المضيّف تعبيراً عن التلذذ بالأكل ودليل عن الرجل الراقي والذوّاق .. كما لايصح في عرفهم أن تبدأ الأكل قبل مضيّفك أو أن تبدي أي ملاحظات على الأكل أو اللبس ..
انفض المجلس سريعاً على نداء الحب في جواله .. إنها زوجته تستحثه القدوم حيث احروررت الشمس وقرب موعد الطائرة قافلين إلى ديارهم .. توادعنا على أمل لقاء قريب وحديث آخر عن غريب الشعوب والأمم .. فسبحانه القائل :
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
بقلم المهندس / منير المطرفي
التعليقات 11
11 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
زائر
30/06/2018 في 10:40 م[3] رابط التعليق
كم انك رائع في خلاقك وفي قلمك ابا بدر
(0)
(0)
زائر
30/06/2018 في 11:52 م[3] رابط التعليق
مبدع يا ابو بدر ،، في انتظار روائع كتاباتك
(0)
(0)
زائر
30/06/2018 في 11:44 م[3] رابط التعليق
مبدع يا ابو بدر ،، و في انتظار روائع كتاباتك
(0)
(0)
زائر.
30/06/2018 في 11:46 م[3] رابط التعليق
مبدع يا ابو بدر ،، في انتظار روائع كتاباتك
(0)
(0)
زائر 1
30/06/2018 في 11:51 م[3] رابط التعليق
مبدع ياابو بدر ،، وفِي انتظار روائع كتاباتك
(0)
(0)
زائر
01/07/2018 في 3:28 ص[3] رابط التعليق
أعتراف يجدر إعلانه انت إنسان عظيم ..ونعمه من الله يجب علينا شكرها .
دمت بود / العلياني
(0)
(0)
زائر
01/07/2018 في 8:01 ص[3] رابط التعليق
جميل ما كتبت…..استمر في ابداعك
(0)
(0)
عبد العزيز العُمري الجبيل
01/07/2018 في 4:14 م[3] رابط التعليق
اُسلوب جميل والى مزيد من الإبداعات ابو بدر
(0)
(0)
زائر
01/07/2018 في 5:56 م[3] رابط التعليق
دائماً مبدع ابا بدر واصل ابداعاتك
(0)
(0)
Med
02/07/2018 في 12:02 ص[3] رابط التعليق
جميل ما خط قلمك ،، أبدعت يا ابو بدر في إنتظار جميل كتاباتك ?
(0)
(0)
زائر
02/07/2018 في 12:39 ص[3] رابط التعليق
التعليق
(0)
(0)