أصدر مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان (hritc) اليوم في تعز تقريراً عن استمرار حصار مدينة تعز من قبل ميليشيات الحوثي الانقلابية تحت عنوان (تعز ألف ومائة يوم من الحصار والقتل المستمر).
وقال المركز وهو منظمة غير حكومية حاصل على الصفة الاستشارية في الأمم المتحدة أن حصار تعز من قبل الحوثيين يدخل ضمن أطول أنواع الحصار الذي تعرضت له المدن على مستوى العالم.
ويمكن أن يصبح الأكبر من حيث استمرار خنق المدنيين وقتلهم الممنهج ،وأوضح المركز أنه منذ إحكام الحصار في اجتياح تعز في 21 مارس 2015 من قبل قوات الحوثي وحليفهم صالح آنذاك ، وتعز تعاني من استمرار الحصار الخانق الذي يمنع حركة المواطنين وكل أنواع الغذاء والدواء ومستلزمات الحياة.
وأوضح المركز في تقريره أن قتل المدنيين بسبب تردي الحياة المعيشية في تعز هو الأكثر مأساوية من استمرار القصف الممنهج على الأحياء السكنية.
*بدء الحصار والحرب*
واجتاحت قوات الحوثي المدعومة من قبل الجيش المؤيد لعلي عبد الله صالح الذي كان متحالفاً معها آنذاك تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن، في 22 مارس ولم تكن هناك مقاومة مسلحة بل احتجاجات سلمية ودعوات مدنية لمنع القتل ، بالرغم من إطلاق الحوثيين النار على متظاهرين لتفريق الإحتجاجات، مما أدى لقتل متظاهر وإصابة خمسة أخرين، ولم يرفع المدنيون السلاح حينها.
وخلال مظاهرة ضد وجود الحوثيين في تعز في 24 مارس، قتل خمسة متظاهرين على يد الحوثيين وأصيب 80 آخرين، بينما في مدينة التربة (80 كم جنوب غرب تعز)، قتل ثلاثة متظاهرين وأصيب 12 أخرين ، وبعد أسبوع من القتال سيطر الحوثيون على مديرية المخاء بالمحافظة.
*حصار قاتل لاستهداف المدنيين*
وتشهد مدينة تعز أكبر عدد في سقوط ضحايا بين المدنيين، نتيجة القصف المتعمد من قبل الحوثيين وأتباعهم وعمليات مختلفة من استهدافهم ، وعمدت هذه القوات على إحكام حصار قاتل يمنع الغذاء والدواء وانتقال المواطنين ومصادرة كل أنواع الإغاثة واعتقال المواطنين العزل ، وتصاعدت حدة الحصار لتعز منذ أوائل أكتوبر 2015 ، حيث تُصادر القوات الموالية للحوثيين وصالح الذي كان معهم يومها عند نقاط التفتيش المياه والأطعمة وأنابيب غاز الطهي من المدنيين الذين يحاولون نقل هذه المؤن إلى أحياء داخل مدينة تعز لا يسيطرون عليها ، وصادر الحوثيون 3 شاحنات عقاقير طبية أرسلتها “منظمة الصحة العالمية” إلى تعز في أكتوبر 2015 .
كما استولى الحوثيون على الأدوية التي كانت وجهتها مستشفيات في مناطق لا تخضع لسيطرتهم، ولم يأذنوا لمكاتب وزارة الصحة بدعم المستشفيات والمستوصفات الطبية في المدينة.
ونبه تقرير مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان أنه في 22 أكتوبر 2015 ذكرت “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” أن نحو نصف مستشفيات تعز كفت عن العمل بسبب نقص الإمدادات أو الوقود أو جراء تضرر المرافق أثناء القتال ، وطالبت الأطراف المسيطرة بالتصريح بتسليم الأدوية المُلحة والضرورية ، التي مُنعت على مدار 5 أسابيع، إلى مستشفى الثورة.
في 24 أكتوبر قالت منظمة “أطباء بلا حدود” إنه رغم أسابيع من المفاوضات المكثفة مع المسئولين الحوثيين، لم يتسن تسليم مخزون من الإمدادات الطبية الضرورية لمستشفيين في تعز، وإن شاحنات أطباء بلا حدود أوقفت عند حواجز الحوثيين الأمنية ومُنعت من دخول المنطقة.
في 31 يناير 2016 نشرت هيومن رايتس ووتش تقريراً بعنوان “الحوثيون يمنعون دخول سلع حيوية إلى تعز”، قالت فيه أن قوات الحوثيين التي تفرض حصاراً على المدينة قيدت على مدار شهور دخول الإمدادات الغذائية والطبية إلى المدنيين في تعز، ووصفت مُصادرة السلع الأساسية للسكان المدنيين ومنع المساعدات الإنسانية بأنها انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي.
وقدرت الأمم المتحدة نزوح ثلثي سكان مدينة تعز إلى خارجها بسبب اشتداد الحصار.
*الحصار الأطول على مدى التاريخ*
وقال المركز في تقريره أن حصار تعز من قبل الحوثيين سيدخل موسوعة الأرقام القياسية ضمن أطول أنواع الحصار الذي تعرضت له مدن في حروب مختلفة بعد حصار سراييفو وحصار غزة وسابقاً لحصار ليننغراد في الحرب العالمية الثانية، حيث تكمل تعز عامها الثالث على التوالي وهي في حصار دامي.
ومع مطلع مايو 2018 الجاري يكون حصار تعز قد تجاوز 1135 يوماً ليدخل ضمن أطول أنواع الحصار في التاريخ، مخلفاً وراءه ولايزال أكثر مأساة إنسانية عرفتها البشرية ، وما يزيد من حجم المعاناة عدم التفات العالم لهذه المأساة بما يجب، وبما يفترض من المسؤولية الأخلاقية والقانونية ، حيث لا يزال العالم يتفرج على أسوأ أنواع القتل الجماعي الممنهج ضد تعز وأشد أنواع التنكيل والقتل دون أن يحرك ساكناً.
*حصار مهول وفاجعة مستمرة*
وأوضح المركز في تقريره معاناة التوثيق والجمع للمعلومات موضحاً أن الاحصاء الدقيق الآن عن ما جرى ويجري لتعز ليس سهلاً كون الحصار مازال مستمراً ، والقتل الممنهج مستمر ومصادرة الحريات ونشر القتل والفوضى قائم ما يجعل حصر التقرير الدقيق أمراً في غاية الصعوبة.
ولكن مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان( hritc ) عمل من خلال فريق عمل ومن خلال مختلف التقارير الدولية والمصادر الإخبارية الميدانية وفرق العمل المختلفة بما فيها فرق الإعلام والبعثات الإنسانية على تقرير تجميعي لمأساة حصار تعز.
وتجاوز الحصار حاجز الألف ومائة يوم من الحصار والقتل المستمر وهو أمر لم يشهد له العالم مثيل إلا في حوادث معدودة مثل سراييفو وليننغراد وغزة وكلها نماذج تحفظها ذاكرة التاريخ بشكل دامي، وألم لاينسى لقوى الإرهاب والنازية والتطرف ليأتي حصار تعز مضيفاً نموذجاً أكثر قسوة وأشد ألماً تقوم به ميليشيات الحوثي والذي يستمر حصارهم حتى اللحظة ، وهو الجريمة الأبرز لهذه الميليشيات في سجل جرائم الحرب والجريمة المكتملة الأركان في انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
ولخص التقرير *احصائيات 3 أعوام من الحرب والحصار في تعز* :
وبحسب مقاربة مدققة من فريق الرصد والتوثيق لدى مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان لثلاثة أعوام كاملة من الحصار فإن الإنتهاكات في تعز خلال الفترة من 21 مارس 2015 الى 31 مارس 2018 على النحو التالي:
بلغ عدد القتلى : 3021 مدنياً بينهم 680 طفلاً و371 امرأة , فيما وصل عدد المصابين إلى 15956 مدنياً بينهم 1655 طفلاً و2449 امرأة.
وحصدت عشرات الآلاف من الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثي 714 مدنياً بينهم 32 طفلاً و14 امرأة , وأصيب جراءها 1132 مدنياً بينهم 38 طفلاً و17 امرأة.
ووصل عدد غارات التحالف العربي 152 غارة راح ضحيتها 576 قتيلاً من المدنيين بينهم 107 طفلاً و83 امرأة , وأصيب خلالها 398 مدنياً بينهم 56 طفلاً و42 امرأة.
وعانت تعز من حالات مصادرة حريات والتي بلغت 197 حالة اختطاف و 167 حالة اخفاء قسري , 792 حالة احتجاز تعسفي , 87 حالة تعذيب أفضت العديد منها للموت أو الإعاقة الدائمة والشلل التام عن الحركة أو الجنون والحالات النفسية ، وتم تهجير ونزوح حوالي 2861 أسرة .
وبلغ إجمالي الممتلكات العامة التي طالها الانتهاك 452 ممتلكاً تم تفجير 9 مبان وتدمير 83 مبنى ومنشأة ولحق الضرر كلياً بـ50 منشأة ومبنى وجزئياً بـ288 أخرى وتضررت 22 مركبة عامة.
فيما بلغ إجمالي الممتلكات الخاصة التي طالها الانتهاك 1868 ممتلكاً تم تفجير 95 منزلاً وتدمير 159 منزلاً ومنشأة خاصة ولحق الضرر كلياً بـ 111 منشأة ومنزل وجزئياً بـ 1379 أخرى وتضررت 124 مركبة عامة.