لم تكن ظاهرة التسوّل وليدة العصر، وإنما منذ القدم، غير أنها استشرت في المجتمعات التي يغلب على أفرادها حُب الخير والبر والإحسان كما يُلاحظ في بلادنا، لاسيما أمام بعض المساجد وعند الإشارات المرورية وداخل بعض المستشفيات والمحلات التجارية، ووقتما تُقام فاعليات وأنشطة ترفيهية وأثناء مواسم الحج والعمرة والأعياد، من خلال استخدام المتسولين شتى الطرق والوسائل لاستجداء أصحاب القلوب الرحيمة والأيدي الندية للحصول على مساعدات مالية أو عينية، كبعض النساء اللاتي يحتضن أطفالاً ربما لغيرهن، أو رجالاً يتصنعون الإعاقة بإخفاء أحد أعضائهم، أو التظاهر بالبؤس والفقر المدقع بارتدائهم ملابس رثة، أو بيع سلع رخيصة على مارين لجني مبالغ مالية دونما حاجتهم إليها، أو كما يسوغ لبعض عمال النظافة العامة إلقاء السلام على قائدي السيارات أثناء انتظارهم عند الاشارات المرورية، لاحرصاً منهم على هذه الشعيرة الإسلامية، كما يغلب على ظننا استجابة لقوله صلى الله عليه وسلم: أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم، وإنما لأجل لفت أنظار هؤلاء الناس واستمالتهم لإعطائهم شيئاُ من المال، ناهيكم عن متسولين يحومون حول أجهزة الصراف الآلي لاستجداء عملاء البنوك لتسديد فواتيرهم، كالكهرباء والماء أو دفع إيجارات سكن، أو وقوف أمهات أمام صيدليات يطلبن من مُرتاديها وبخاصة السعوديين لشراء حليب لأطفالهن دونما حياء أو خجل بينما هن الأولى بإرضاعهم وأنفع لهم ولهن صحياً ونفسياً، حتى إذا ما حصلن على طلبهن هذا، وتوارى المحسنون عن أنظارهن، قمن بإعادة هذا المنتج لنفس الصيدليات واستبدالها بنقود لأغراض ما الله به عليم، ناهيكم عن اتخاذ متسولين هذا السلوك مطية للتجارة الرابحة التي يقتاتون منها، أو تُمكنهم من شراء مُخدرات تقضي عليهم، أما الأنكى من ذلك كله، لجوء متسولين لاستخدام التقنية الحديثة من خلال تدوينات مُؤثرة أو سرد قصص من نسج خيالهم ونشرها على نطاق واسع، أو تعمدهم الوصول لهواتف أو أرقام سرية لحسابات مواطنين لسحب ما يتوافر في حساباتهم البنكية من أموال، ظانين بأن فعلهم هذا الاجرامي والشنيع شطارة، ويحقق ما تتوق إليه نفوسهم من متطلبات الحياة بأسهل الطرق وأيسرها، بعدما غاب عن أذهانهم قول الله تبارك تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا*وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) آملين ألاّ يُفعم من طرحنا لهذه القضية المتجددة دعوتنا لإيقاف أي عمل خيري أو تقويضه، فديننا الإسلامي الحنيف حث على ذلك بقول الله تعالى( َوتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) وما الزكاة كأحد أركان الإسلام الخمسة والصدقة الجارية إلا خير دليل لتحقيق التكافل الاجتماعي، الذي تتطلع إليه كافة الشعوب، للقضاء على مثل هذا السلوك الدنيء وما ينطوي عليه من نصب واحتيال واستغلال وتكاسل وخمول واعتماد على آخرين، فلقد ورد عن نبي الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم بأن غلاماً حضر إليه وطلب منه المساعدة وبدلاً من اعطائه ما طلبه، وهو قادر على ذلك قام بشراء فأس وسلمه إياه لقطع اشجار، ثم قال له: لأن تحتطب وتبيع خيراً لك من المسألة، فطوبى لمن يسعى لكسب الرزق الحلال من عرق جبينه ولم يسأل الناس إلحافا، والتسوّل يعني في المعاجم اللغوية استجداء شخص أو أكثر للحصول على مبالغ مالية دونما تعب أو مشقة، وهو من السلوكيات المُقلقة وغير الحضارية، وله أغراض ووسائل وأماكن مُختلفة من بلد لآخر، وله أيضاً نوعان: فإما باستخدام اليدين وتصنّع البكاء والدعاء المُحبب للنفوس مع الإشارة للعوز وقلة الحيلة، وإما بالإكراه واستخدام القوة من ضرب أو تهديد بالسلاح، فيما تشير دراسات عالمية إلى أن التسول يُساهم في خفض إنتاج الموظفين في منظومة عملهم إذا ما أتيح لهم فرصة الخروج أثناء دوامهم الرسمي في ظل إدارتهم الترسليه، علاوة على ارتفاع معدّلات السرقة والجرائم في المجتمعات التي يتفشى فيها وانعكاس ذلك سلباً على أمنهم واستقرارهم واقتصادهم الوطني، ولهذا ما أحرى بالجهات المسؤولة من القيام بالتوعية العامة لكافة القاطنين هذه البلاد لتبيان أضرار وخطورة هذا السلوك السيء، واستبدال ذلك بطلب الرزق الحلال، وما أكثر سبله في بلادنا وطن الخير والعطاء، امتثالاً لقول الله تعالى(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) وفي الحديث: ما أكـل أحدٌ طعاماً قطُ خيراً من أن يأكل من عمل يده، وأن نبيّ الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده، يقول أحد أصدقائنا بأنه فوجئ وهو يمشي في أحد شوارع العاصمة بشابين في أوج قواهما الجسمية والعقلية، وباستطاعتهما القيام بأي عمل شرعي ونظامي، قادمين من دولة جنوبية مجاورة (رأينا أمثالهم) يطلبانه مساعدتهما، ولتجاهلهما، لازماه وأشارا عليه وبكل سفاهة ودناءة ووقاحة للذهاب لجهاز صراف آلي قريباً منهم، وحيث سمعهما يتمتمان بكلام يحمل معاني القوة والغصب، أخرج جواله فخافا من قيامة الإتصال بالشرطة فلاذا بالفرار، فيما طلب شاب من نفس الجنسية دخل المملكة بتأشيرة زائر من أحد المواطنين قابله بمحطة وقود، المساعدة، لإجراء عملية جراحية، بمستشفى خاص تزيد تكلفتها على خمسة وعشرون ألف ريال، وحيث شعر بعدم مصداقيته وتحايله، تركه ومضى في طريقه، فالحذر الحذر من هؤلاء المتسولين وأغلبهم وافدون، وإبلاغ الجهات المختصة بتواجدهم لتطبيق العقوبات الرادعة بحقهم، خدمة للمصلحة العامة، وحباً لوطننا الغالي حرسه الله، وأدام عزه.
بقلم الكاتب عبد الفتاح أحمد الريس
- محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية تسجل حالة ولادة الوعل النوبي
- “الهلال الأحمر بالمدينة” ينقذ معتمر باكستاني يعاني من جلطة قلبية بزمن استجابة بلغ ٥٦ ثانية بالمسجد النبوي
- *محافظ البكيرية يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين “التعليم” و”جمعية الساعي على الأرملة
- رصد كويكب سرعته تبلغ خمسة أضعاف سرعة دوران القمر حول الأرض
- تصعيد في البحر الأحمر: المقاتلات الأمريكية تُسقط 11 طائرة حوثية.. وواشنطن تُحذِّر إيران
- تحت إشراف “رينارد” وبحضور “المسحل”.. “الأخضر” يُجري تدريبه الأول في نادي الشباب
- “التجارة” تؤكد: رمز تسليم الشحنة إقرار من المتسوِّق بسلامة المنتجات
- حرس الحدود بمنطقة مكة المكرمة ينقذ مواطنًا من الغرق أثناء ممارسة السباحة
- “المسند”: من المتوقع أن ينتهي رمضان في اليوم الذي بدأ فيه
- “السياحة” تُكثِّف الرقابة على مرافق الضيافة في مكة والمدينة خلال رمضان
- ورشة تثري مهارات الإعلاميين وتعزز الوعي بحقوق الملكية الفكرية
- هيئة النقل: حجز 3 شاحنات أجنبية وتغريمهما 10 آلاف ريال لنقلها البضائع داخل المملكة
- ضبط 5387 دراجة آلية مخالفة خلال أسبوع
- الكويت تحظر زواج القاصرين.. تعديل قانون الأحوال الشخصية يرفع السن إلى 18 عامًا
- ولي العهد يطلق خريطة العمارة السعودية لتعزيز المشهد الحضري لتتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030
المقالات > #المقالات, أضواء الوطن, مقالات عبد الفتاح أحمد الريس > مُتسولون بالقوة ودونما وجلٍ ولا خجل.
عبد الفتاح أحمد الريس

مُتسولون بالقوة ودونما وجلٍ ولا خجل.
07/02/2025 10:32 ص
عبد الفتاح أحمد الريس
2
152801
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3631409/
التعليقات 2
2 pings
عبدالعزيز سعود
08/02/2025 في 12:54 ص[3] رابط التعليق
وجدوها تجارية وعمل من لاعمل له
لكن أين دور الجهات المختصة
سعود الحماد
08/02/2025 في 12:55 ص[3] رابط التعليق
غياب الرقابة فتح لهم المجال