يتعرض جسم الإنسان من وقت لآخر لأمراض نسميها أمراضاً جسدية، كوجع الرأس، أو وجع المعدة، وألم المفاصل. كذلك المجتمع يصاب بأمراض يطلق عليها الأمراض الاجتماعية، كظاهرة الإجرام، والانحرافات السلوكية، والإدمان.. وهي الأخطر.
فإذا كانت الأمراض الجسدية تصيب الإنسان كفرد، ويأخذ ضررها الطابع الفردي، فإنَّ الأمراض الاجتماعية تطال الإنسانية في المجتمع، وتشكل بالنسبة لهذا المجتمع بؤرة فساد تكون باتساعها وانتشار عدواها وتأثيرها السلبي أشبه باتساع الدوائر المائية على صفحة ماء راكدة، تعرضت لرمي حصاة صغيرة.
إنَّ المشكلة تبدأ فردية صغيرة لتصبح، مع عدم المواجهة، قضية اجتماعية تنهك المجتمع وتقوض مضاجع أبنائه. ويتعاظم الخطر بقدر ما يتم التغاضي عن بروز المشكلة أو بقدر ما يتم التعامل معها بغير اهتمام.
ثم إنَّ المجتمع يتعرض عموماً إلى نوعين من المشكلات: أولاها، مشكلات طبيعية، لا يكون للفرد فيها أي دور كالمشكلات الناتجة عن الزلازل والفيضانات والعوامل الطبيعية الأخرى، وهي مشكلات لا يمكن التحكم بأسبابها والسيطرة عليها. وثانيها، مشكلات يتسبب بظهورها الفرد كمشكلات الإدمان، والعنف، والإجرام، والطفولة المعذبة. وهذه بمقدور المجتمع التحكم بأسبابها ومحاصرتها.
ولقد اهتم علماء النفس والاجتماع بهذه المشكلات والأمراض وبحثوها من زاوية الخروج على قيم المجتمع ومعاييره، أو بمدى الالتزام بها والتوافق معها، وكشفوا أسبابها الاجتماعية، كما عددوا أهم هذه الأمراض، وعرضوا لكيفية الوقاية منها وسبل علاجها، وبينوا أنَّ من هذه الأمراض ما يتصل بالفرد والمجتمع والأسرة والحي، وأبرزوا أهم أشكالها – كما أسلفنا – وهي : الجريمة والعنف والإدمان.
وعموماً فإنَّ أولئك الأشخاص الذين توصد في وجوههم أبواب الكسب الشريف يكونون أمام خيارين: إما اتباع وسائل غير مشروعة لتحقيق أهدافهم في المجتمع، أو الانسحاب من الحياة الاجتماعية العامة، والهروب من متطلبات الواقع، بتعاطي المخدر أو إدمان الكحول أو بلعب الميسر، وكل خيار يعتبر سلوكاً منحرفاً ومرضاً اجتماعياً يتسبب في مشكلات عديدة على الجميع.
للتواصل : zrommany3@gmail.com
أ . د / زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار الاقتصادي
وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التعليقات 4
4 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
خالد الرشيدي
05/02/2025 في 2:00 م[3] رابط التعليق
أحسنت يادكتور ..مقال يحاكي مجتمعاتنا..كم نحن بحاجة إلى هذا الطرح الاجتماعي الهادف ..
أحمد الحركان
05/02/2025 في 2:01 م[3] رابط التعليق
مقال يستحق التمعن في محتواه ..ونأمل من الجهات ذاتةالعلاقة دراسة القضايا الاجتماعية وتثقيف المجتمع بما يضمن سلامته
غير معروف
05/02/2025 في 2:03 م[3] رابط التعليق
رائع دكتورنا الغالي ..نحتاج مقالات هكذا ..مالنا من الاقتصاد ..حفظك الله
Fayzah Alahmadi
05/02/2025 في 5:43 م[3] رابط التعليق
احسنت دكتور في تسليط الضوء على الامراض الاجتماعية والسيطرة عليها ولكن….الامراض الجسدية ايضاً من الاهمية بمكان الانتباه لها وتسليط الضوء على السيطرة عليها وعلى مخاطرها..اذ تخسر الدول مليارات الدولارات للصرف على مكافحة الامراض مثل السكر والقلب والكلى والمعدة والعظام ..وتتعطل قدرات الملايين من المساهمة في بناء الاوطان والاعاقة والمقعدين ونتائج مثيرة …الامراض هي امراض والامراض الاجتماعية يمكن مكافحتها جماعياً والقضاء على المسببات ومعالجاها جماعياً والقضاء على نتائحها واعادة تأهيل ( المرضى) واستثمار قدراتهم ..وللاعلام دور كبير في التوعية وترسيخ المناعة ضدها ومعالجة الامراض الاجتماعية بمعالجة اسبابها ..سواءً احتماعية او نفسية او جسدية