من السلوكيات المتشابهة إلى حدٍ ما ، في العلاقات العامة هي المجاملات والمداهنات والفرق بينهما، وقد يصعب على البعض أن يُفرق بينهما، بل قد تختلط لديه الأمور و تسبب له فيما بعد نوعاً من الضبابية في المفاهيم والتشويش على أفكاره وتوجهاته، مما يؤثر عليه من خلال معاملاته مع الآخرين وما يراه على أرض الواقع أحياناً، وهي في حقيقتها تختلف باختلاف النوايا والمقاصد والأهداف والسلوك.
فالمجاملة سلوك إيجابي مطلوب لمسايرة الحياة العامة، وفيها من اللطافة ما يجمع الشمل ويوحد الصفوف ويقرب النفوس ويجذب القلوب ويهدف إلى نشر الاحترام المتبادل من التواد والمحبة ، وتعزيز التواصل، وتُشيّد على جسور من الثقة والصدق في التعاملات والاستقرار النفسي بين الأفراد والمجتمعات ، فهي لا تتعارض مع الحقائق، بل تسلط الأضواء على الجوانب الإيجابية بصدق وأمانة وبدون مواربة .
بينما المداهنة سلوك سيئ وهادم ، ولا يليق بالرجل الوقور والراقي، بل تعتمد على النفاق والتملق والكذب وإخفاء الحقائق لتحقيق مصالح شخصية ، وغالبًا ما تكون مرفوضة اجتماعيًا وأخلاقيًا لأنها تهدف إلى خداع الطرف الآخر أو استغلاله، وتُبنى على جرفٍ هارٍ من التزييف وقلب الأمور على غير حقيقتها ، والمبالغة بهدف تحقيق مصلحة معينة و تجنب مواجهة الحقائق ، ومن بعض صورها أن يمتدح شخص بما لا يستحقه لتحقيق منفعة معينة أو التغاضي عن أخطاء واضحة لشخص ما ، خوفًا من غضبه أو فقدان مصلحة.
لذا من المهم معرفة الفوارق وفهم طبيعة العلاقات الاجتماعية والحرص على الخطوات الإيجابية لتعيش حياة سعيدة تنعم بها بكل كرامة وإعتزاز ، وتخطوا بها خطوات الواثق من نفسه لتزداد رقياً وتحضراً ، وتفوز بتقدير الآخرين تقديراً حقيقياً، لما تتسم به من أخلاق عالية متزنة وواضحة، ويرونك مثالاً يحتذى به ، وحتى نحافظ على علاقات مميزة من الضروري أن نبنيها على قواعد صلبة من الصدق والنزاهة والأمانة والوفاء في تكوين العلاقات الاجتماعية لنكون أكثر إنسانية ولنسموا بأنفسنا و الآخرين لمعالي الأمور.
فعلى المجتمع الواعي والمدرك لخطورة هذه الآفة من ( المداهنون) بمحاربتهم وعدم تجاهلهم وبالذات من يعيشون منهم على بعض موائد أصحاب المال والأعمال والوجاهة والمناصب، لأنها غالباً ماتكون أرضية خِصبة تعيش عليها، وتقتات منها لمصالحهم الخاصة ومآربهم والتقرب بها للتحقيق مقاصدهم وأهدافهم وتقريب من هم على شاكلتهم على حساب اهل الحق والنزاهة والوفاء والإخلاص مستغلين ثقتهم العمياء ، قال الله تعالى :
( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ).
( وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ).
بقلم: عائض الشعلاني.