كنت أشاهد إحدى القنوات الفضائية , وقد لفت انتباهي بعض الإعلانات التي تتحدث عن وصفات شعبية لعلاج جميع الأمراض , والتي لا يمكن لأي إنسان عاقل أن يصدقها . على وزن (زيت الزيتون البكر المرقي المقطر لعلاج جميع أنواع الأمراض) ؟! . طيب ما هو الضمان ؟! , الضمان بإذن الله ؟! . هل هناك شيء في هذا الكون بخيره وشره يتم بدون إذن من الله سبحانه وتعالى؟! . ونسبة النجاح كما يقول الإعلان 200% , ومجرب ومضمون ؟! لا أعرف إذا كان هناك دواء في العالم نسبة النجاح فيه 100% دون وجود أية أعراض جانبية له ؟! . وهل هناك دواء في العالم يعالج جميع الأمراض بنسبة 100% ؟! . يعني والحالة هذه لم تعد هناك حاجة إلى المستشفيات . وبعدين يقول لك أنه مجرب ومضمون ! , لا أعرف على من تم تجربة هذا الدواء وتحت إشراف من ؟ ، ومن هي الجهة التي اعتمدت هذا الدواء ومن يضمن ذلك ؟! . هذه القناة تروج أيضا لعقار آخر (عطر البيوت الأحمر والأخضر) , لفك جميع أنواع السحر المرشوش والمعلق والمدفون والمطلسم !! . وآحر مكون من ماء المسك وماء العنبر (للتحصين) , يعني درع واقي ضد أي سحر في العالم . طبعا ومن أجل الضحك على البسطاء , هناك عرض خاص لمن يشتري المجموعة كاملة . ولهم فروع ووكلاء في العديد من البلدان دون إشارة إلى إسم الشركة . يعني ليس عمل فردي بل مؤسساتي قائم على النصب والإحتيال . كما هو معروف فإن أي (دواء) قبل أن يتم اعتماده من قبل (هيئة الدواء والغذاء) في أي بلد , لا بد أن يمر بمراحل عديدة . حتى يتم اعتماد أي دواء في أمريكا إدارة هيئة الدواء والغذاء الأمريكية غالبا ما يستغرق اعتمادها لأي دواء جديد في المتوسط إثني عشر عاما . بدءاً من الإختبارات المعملية ثم الاختبارات على الحيوانات ثم البشر ثم الاختبارات السريرية . وبين كل مرحلة وأخرى تفاصيل كثيرة . وقد يستثنى من ذلك في حالات الأوبئة الطارئة والداهمة مثل كورونا , حيث يتم اتباع سياسة حرق المراحل . طبعا الدول الغربية وبالذات أمريكا لها سياسة معينة في تصنيع بعض الأدوية . حيث أن المرحلة الأولى التي يتم فيها تجريب الدواء على الإنسان . يقول دكتور أكاديمي مصري قمت بزيارة إلى أمريكا للعلاج , وقمت بمراجعة الطبيب المختص في المرض الذي كنت أعاني منه , وعندما سألني عن الأدوية التي كنت أتناولها أوضحت له بأنها صناعة أمريكية . ولكن عندما تفحصها جيدا قال هذا الدواء لم يعتمد بعد في أمريكا وهو حاليا يتم تجريبه في أوروبا . وقال لي أن أي دواء لا بد قبل اعتماده في أمريكا , أن يتم تجريبه على البشر في قارة إفريقيا ثم آسيا ثم أوروبا , ويتم دراسة مدى فاعليته وآثارة الجانبية على البشر في كل قارة , وإذا حقق النجاح المطلوب يتم اعتماد تداوله في أمريكا ومن ثم العالم . يعني العالم لا يعدو عن كونه (فئران تجارب) لدى هؤلاء ؟! . وهذا يؤكد مدى الحاجة الماسة إلى توطين صناعة الدواء . العلاج بالأعشاب الطبيعية لا بد أن يخضع إلى رقابة مشددة , حيث أن بعض الأعشاب الطبية قد تكون لها آثار مدمرة على صحة الإنسان , وقد يكون لها تأثير سلبي على الأدوية التي يتناولها المريض . يكفي أن تذهب إلى أي عطار ويعطيك علاج لأي داء تشكو منه , وهو في نفس الوقت قد تجده شبه أمي . أما الرقية فهي تحولت إلى صنعة لمن لا صنعة له , ناهيك عن التجاوزات الأخلاقية . كل إنسان ممكن أن يرقي نفسه وأهله . القنوات الفضائية التي تروج للدجل والشعوذة لا بد من إغلاقها أو التحذير منها ؟ لكن لماذا يذهب المرضى إلى العطارين والرقاة (الطب البديل) ؟! هذا موضوع المقال القادم .