خلق الله لنا هذه المشاعر تنبض كقلوبنا التي بين أضلعنا..
فلا يمكنك أن تكون في موقفٍ في الحياة إلا ويصاحبك شعور مذهل من سرور أو حزن أو حيرة أو دهشة أو لهفة وغيرها الكثير..
والأعجب أن مجموع هذه المشاعر هو ما يصنع إنسانيتك ويحدد كينونتك..
ولكن إذا أتتك تلك اللحظة التي فقدت فيها كل مشاعرك وانطفئت تلك المصابيح بداخلك فأنت ميت!!
إن الشعور هو ما يصنع منك تلك الصورة التي نراها عنك
ولا يمكنك أن تعبر فوق المشاعر وتمر مرور الكرام بل قف عندها وتذوق حلاوتها
جرب أن تتذوق الفرح بكل أضلعك وتتلذذ بحلاوته..
ثم جرب أن تتأمل الحزن وتخشع لهيبته دون أن تتأفف منه فهو ما يجعلك إنسانا نقيا ..
ثم عرج على شعور الرحمة وقف عند اعتصار قلبك من أجل إنسان آخر وانظر إلى عجيب تأثيرها عليك وعلى أفعالك ، وانظر كيف تحركك الرحمة لتصبح ساعيا للخير بقدميك ولسانك ومنفقا بيديك ..
حتى ذلك الذوق المرهف بداخلك الذي يدفعك لجبر خاطر أحدهم والأخذ بيده..
حتى شعور الحياء الذي يحبس لسانك عن كلمةٍ جارحة وإن كان من أمامك يستحقها ، لكن صنيع الحياء في نفسك منعها ، وهو أيضا ما يمنعك عن الخلق الدنيء والمبتذل ..
إن كل هذه المشاعر هي ما تصنع الأخلاق
وكلما كنتَ نقيا من داخلك كانت هذه المشاعر أو كما أسميها (مصانع الأخلاق ) تعمل بتناغم مذهل لتكون بشرا سويا
وأخطر ما يمكن أن يحدث لك أن تكون هذه المشاعر زائفة والمصنع لا ينتج شيئا حقيقيا فتمشي بين الناس متظاهرا بما ليس فيك وتكتفي بهذا التظاهر المنفر فلا أنت وصلت إلى الجوهر الحقيقي ولا أنت سعيت لتحسين نفسك والعمل على تهذيب مشاعرك..
فأصحاب المشاعر الصادقة هم في سباق دائم مع أنفسهم لصقلها وتهذيبها .