إنّ مشروع "مسام" هدفه إنساني لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام والأجسام غير المنفجرة التي تهدد السكان المدنيين وتعرقل عمليات الإعمار في اليمن. أطلقه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في يونيو ٢٠١٨، ويعمل بالتنسيق والشراكة مع البرنامج الوطني اليمني لنزع الألغام «يمك» وبدعم من القيادة السعودية الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يتابع المشروع وجهوده لحظة بلحظة، من أجل تحقيق حياة أفضل للإنسان اليمني. ويدير المشروع منذ تأسيسه الخبير السعودي أسامة بن يوسف القصيبي، الذي كرّس حياته للمساهمة في عمليات نزع الألغام في العديد من دول العالم بعد أن تدرب على يد خبير الألغام والمتفجرات البريطاني "غاي لوكس" إبان حرب الخليج لمدة ١٠ سنوات، كما أنه شارك مع الأمم المتحدة بجنوب لبنان في أكتوبر من العام ٢٠٠١، كأول عربي حاصل على شهادة إدارة عمليات نزع الألغام من الأمم المتحدة.
ومن بين أهداف المشروع غير تطهير المناطق اليمنية من الألغام الأرضية هو: مواجهة التهديدات المباشرة لحياة الشعب اليمني، تعزيز الأمن في المناطق اليمنية، مساعدة الشعب اليمني في معالجة المآسي الإنسانية الناتجة عن انتشار الألغام، وإنشاء نظام يمكّن المجتمع اليمني من تحمل المسؤولية على المدى الطويل.
منذ انطلاق المشروع نهاية يونيو ٢٠١٨، نزعت فرق «مسام» أكثر من ٤٠٠,٠٠٠ ألف لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة وهذا ما أدّى إلى خفض ضحايا الألغام التي أودت بحياة الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ وتسببت بعاهات دائمة، على مدار ٥ سنوات. ولكن وللأسف إنّ عدد من العاملين والخبراء أثناء أدائهم واجبهم في نزع الألغام لقوا حتفهم.
مشروع "مسام" يقوم بإزالة الألغام من المناطق التي كانت تحت سيطرة الميليشيات، وذلك لتأمين هذه المناطق بشكل كامل وتفادي الكوارث بين السكان المحليين. تتطلب هذه المرحلة جهدًا كبيرًا للتخلص من جميع الألغام المزروعة، حيث سيعود المدنيون لممارسة حياتهم بشكل طبيعي بعد انتهاء النزاع في المنطقة.
تعتبر زراعة الألغام في اليمن من قبل الميليشيات، انتهاكاً لاتفاقية أوتاوا لعام ١٩٩٧، وهي معاهدة دولية تهدف إلى منع استخدام الألغام المضادة للأفراد (أي التي تستهدف البشر). أُنشئت هذه الاتفاقية لوقف المعاناة والإصابات الناجمة عن هذه الألغام التي تقتل أو تشوه مئات الأشخاص أسبوعياً، وغالبيتهم من المدنيين الأبرياء وخصوصاً الأطفال. وتعيق التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار، وتحول دون عودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم. يُضاف إلى ذلك أن أنواع الألغام المستخدمة متطورة ومموهة وجديدة. لذلك على المجتمع الدولي ان يحاسب كل من ينتهك هذه المعاهدة وانزال اشدّْ العقوبات بمرتكبيها.
وأخيراً يجب ألا ننسى أن العمل في مجال نزع الألغام هو عمل خَطر جداً وهو يعرض الفرد عند كل يوم عمل في الميدان إلى إصابة قاتلة أو إعاقة دائمة، ولكن هدفهم الأسمى لهؤلاء الأفراد هو إنقاذ حياة الآخرين على حساب حياتهم.
إنّ مشروع «مسام» يستحق فعلاً أن ينال جائزة نوبل للسلام.
منى الدحداح زوين
استاذة جامعية