نكاد نجزم بأن معظم الناس وعلى اتساع الأرض ومنذ القدم يعرفون تماماً بأن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه أو مُجاوزة الحد وغياب العدالة أو التعدي على الأموال والممتلكات وارتكاب الجرائم وإثارة الفتن والسعي في الأرض فسادا غير أن البعض من هؤلاء الناس قد لا يعرفون حقيقة هذا الظلم من منطلق تبني أفكار مُعينة قد تكون( كيدية، عدوانية تسلطية، استدراجية، إقناعية، عقائدية، أو استغلال لطيبة شخص زائدة أو تحت مؤثرات منومة وإدراك محدود كالأطفال) للنيل من أهداف أو مطامع شخصية بحتة أو لصالح أشخاص بذاتهم أو خوفاً من بطشهم وانتقامهم كأن يلجأ مُستأجر لاستخراج صك اعسار من جهة رسمية لكي يُعفى من دفع إيجارات متراكمة لمالك العقار وهو قادر على التسديد أو إجبار موظف مخلص وأمين بالتوقيع على كمبيالات مزورة لصالح منظومة عمله وتهديده بفصله اذا لم يتجاوب أو تـتعمد قـوى سياسية بوضع مخططات استراتيجية لبسط نفوذها بالقوة على بلدان مستضعفة لاستغلال ثرواتها الطبيعية ومقدراتها الوطنية دونما النظر للقيم والأخلاق والقوانين الدولية هكذا تتجلى صناعة الظلم وبأخرى أيضاً كالكذب والافتراء والنصب والاحتيال والخداع والمراوغة وإخفاء الحقائق كقيام بعض الأسر بتجميل بناتهن شكلاً ومضمونناً للمتقدمين لخطبتهن وبعد زواجهن بفترة وجيزة يظهر العكس فيكون ذلك سبباً في طلاقهن أو يلجأ بعض مُقدمو الخدمة المنزلية في إخفاء ما يعتري العمالة لديهم من مساوئ أو قصور عند تسويقهم طمعاً في كسب المال وتحاشي الخسارة أو يقوم بعض التجار ببيع منتجات مغشوشة حرمها الإسلام بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا، فالظلم إذاً يُعد من أسوء السلوكيات التي يمارسها الإنسان في هذا الكون حتى قيام الساعة ومبعث أساسي لكل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للعالم بأسره فيما تشير دراسة علمية إلى أن الظلم يسبب الإصابة بالأمراض القلبية المميتة كالسكت القلبية والجلطات بنسبة 55% من سكان العالم وفي القرآن الكريم ما يزيد على ثلاثمائة آية تشير للظلم بأنواعه الثلاثة: ظلم الإنسان فيما بينه وبين خالقه جلّ في علاه وفي مقدمتها الشرك كما في قوله تعالى( إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) وظلم الإنسان لغيره من الناس من خلال أكله لأموالهم أو هتك أعراضهم أو اتهامهم بقضايا مصيرية زوراً وبهتانا كما في قوله تعالى (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا) وظلم العبد لنفسه بحرمانها بما أحله الله لها من الطيبات أو الامتناع عن تأدية العبادات جزئياً أو كلياً أو القيام بممارسة سلوكيات مُحرمة كالموبقات وتعاطي المسكرات كما في قوله تعالى( فَلَا تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ) ولتجنب الظلم بكافة صوره وأشكاله لابد للإنسان المسلم من استشعار عظمة الله ووحدانيته كما في الحديث ( وعزتي وجلالي سأنصرنك ولو بعد حين ) وعدم اتباع خطوات الشيطان وهوى النفس الأمارة بالسوء ومخالطة الفاسدين والظّالمين بالإضافة لاستحضار ما آلت إليه الأقوام البائدة من هلاك مصداقاً لقوله تعالى (فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) وليعي الجميع بأن عقوبة الظلم لا تقتصر على الحياة الدنيوية فحسب وإنما تمتد للدار الآخرة مروراً بحياة البرزخ والتي لا يعلم مداها إلا الله القائل في الحديث القدسي( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا) وقوله أيضاً( من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضٍ أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون هناك ديناراً ولا درهماً) فلقد دعا الصحابي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حينما كان والياً على الكوفة على شخص ظلمه من أهلها حين قال عنه: كان لا يسير بالسرية ولا يقسم بالسوية ولا يعدل في القضية بأن يطيل الله في عمره وفي فقره ويعرضه للـفـتن فاستجاب الله لدعوته فكبر سنه وسقط حاجباه على عينيه وتعرض للجواري في الطرقات يغمزهن فيما توجه ذلك الإداري الذي أبخس الحق من لدن مسئول زاره في مقر عمله بالدعاء عليه في جوف الليل ليُصاب بمرض أقعده طويلاً ليلقى حتفه لاحقاً، قال عليٌّ بن الفضيل وقتما سئل ما يبكيك ؟ قال: أبكي على من ظلمني إذا وقف بين يدي الله تعالى ولم تكن له حجة، فلا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً * فالظلم مرتعه يفضي إلى الندم * تنام عيناك والمظلوم مُنتبه * يدعو عليك وعين الله لم تنم ( للامام علي رضي الله عنه)جعلنا الله وإياكم ممن لا يظلمون ولا يُظلمون.
-----------
بقلم الباحث التربوي عبد الفتاح بن أحمد الريس.
- عبر بوابة أحد.. القادسية يصعد إلى دوري روشن
- بلدغة هدف مالكوم “العالمي”.. الهلال يأخذ الأهلي “رايح جاي”
- أجواء الفرح تعم غزة ابتهاجاً بموافقة “حماس” على وقف إطلاق النار هتافات وتكبيرات وبكاء
- القبض على مقيم لترويجه الشبو المخدر بمكة
- “الجوازات” تعلن جاهزيتها لموسم حج 1445هــ
- النيابة العامة: المبلغون والشهود يحظون بحماية قضائية مشددة
- القيادة تعزي رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني في وفاة ابنه
- في موقفاً مهيب بين يدي السيف والسياف الحميدي الحربي يعفو عن قاتل ابنه لوجه الله
- متحدث هيئة الزكاة: المنافذ الجمركية بالمرصاد لمحاولات التهريب مهما تعددت أساليبها
- أمير منطقة الجوف يزور مركز الحديثة ويلتقي الأهالي
- أمير جازان يكرم الطالبة ملك قيسي لحصولها على الميدالية البرونزية على مستوى العالم في معرض الاختراعات بجنيف
- تدشين أسبوع البيئة بالمنتزة البري بالفوارة
- “المخدرات” تطيح بمواطن بمنطقة تبوك لترويجه مادتي الحشيش والإمفيتامين
- المملكة تحذر من استهداف الاحتلال لرفح: على المجتمع الدولي التدخل فورا لوقف الإبادة الجماعية
- إنذار أحمر.. أمطار غزيرة وصواعق رعدية على الشرقية
عبد الفتاح بن أحمد الريس
هكذا تتجلى صناعة الظلم
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3487255/