عائلتها استقبلت صرخات ميلادها بالابتلاء ، فآمنت به وصبرت في زمنٍ كان يتوارى فيه أحدهم من سوء ما بُشِّر به من طفلٍ معاق أو مريض ، بيد أن العائلة الرحيمة احتوت طفلتها وابتلاءها ونظرت نحوها نظرة الثقة لا نظرة الشفقة ونظرة الحياة لا نظرة الموت وبين الثقة والحياة ولدت ” حنان ”
أصيبت بالفشل الكلوي منذ عشرين عامًا تقريبًا ، ولكنها حولت أنين الفشل إلى شعاع أمل فابتكرت جهازًا لقياس السوائل في الجسم خاص بمرضى الفشل الكلوي ، ثم أصيبت بجلطةٍ حادةٍ بالقدم ، ثم بمرض السرطان ورغم ذلك كله لم يها أحدٌ مريضة لأن تفاصيل حياتها المملؤة بالحياة لا تُشعر أحدًا بالمرض أو الوهن .
” حنان العُمري ” هذا الكيان الذي سار بين الناس بمشاعر الثقة بالله ، وليس الإنسان الذي اتكأ على وهن مرضه وتوحّد عن الناس ، فرحلت تاركةً إرثًا من عطاء بذرته في نفوس من عرفتهم ، واشتمَّ شذى زرعه من لم تعرفهم أو يعرفوها .
في هذه المساحة يسر صحيفة أضواء الوطن الالكترونية أن تستضيف عددًا من الشخصيات الإعلامية والفنية والثقافية والاجتماعية والذين جمعتهم بالراحلة حنان العُمري – رحمها الله – مواقف عدة جسدت عمق العطاء الإنساني الذي لطالما شعَّ منها ، وصدْقُ الوفاء الذي حملته لإنسان منطقتها ووطنها ، والذين عبروا عن كل نبضةٍ من إنسانيتها بمزيد فضلٍ وكريم سجايا .
* الأديب والمسرحي ناصر العمري : حنان العُمري أمثولةً تستحق أن نقدمها للأجيال .
إبتداءً حدثنا الكاتب المسرحي والأديب الأستاذ ناصر العمري عن المواقف الخالدة في ذهنه عن الراحلة فأجاب :
رحم الله الزميلة حنان التي ترك رحيلها غصة في قلوب كل من عرفها كونها قدمت نفسها نموذجاً مختلفاً جابه الحياة بثقة وإيمان وصبر وعزيمة صادقة .
عرفت حنان خلال عملها في مركز الزاهرة للتدريب حين كنت مديرًا للتدريب والابتعاث بتعليم المخواة
وكان تواصلي معها دائماً يحمل الكثير من المعلومات والأفكار والخبرات في المجال كونها تؤدي كل عمل تتبناه أو يسند لها بجدية تامة وانتماء صادق مع ذلك الميل المستمر نحو التشاركية انطلاقا من إيمانها بضرورة شيوع المعرفة وصناعة الأثر ، وقد كانت محطة مهمة في مسيرة العمل المبني على تبادل الخبرات واقتراح البرامج التدريبية ذات الأثر الإيجابي
واستمر تواصلي معها على فترات متباعدة لكني كنت أراقب بإعجاب كبير جهودها الرائعة وأتابع باهتمام كل تلك الإضاءات التي كانت تقوم عليها وكنت ولازلت أرى فيها ذلك النموذج الذي صنعته وتلك المسيرة الحافلة بالتميز التي جعلت من مسيرتها في الحياة أمثولة تستحق أن نقدمها للأجيال .
وعن إسهامات المجتمعية أردف العمري بالقول :
في كثير من المجالات كانت حنان -رحمها الله – صاحبة الحضور الطاغي وأكثر مالفتني أنها رغم ظرفها الصحي القاهر كانت تستمد قوتها من إيمانها بالله أولاً ثم من روحها المليئة بالإيجابية وثقتها العالية في أنها تستطيع ، فبعد انقطاعها القسري عن الدراسة كانت الفتاة الدؤوبة التي لم تستلم للتحديات بل حولتها إلى سلالم للنجاح فحرصت على التعلم الذاتي وطورت مهاراتها الإبداعية فصنعت لها مكاناً على الساحة وشكلت نموذجاً لبنات الوطن المؤمنات بدورهن في إثراء الميادين المختلفة بعطاء لايغيب .
حنان متحدثة لبقة بحضور آسر ومدربة بارعة بقدرات فريدة وإدارية متميزة نجحت في صناعة نموذج القائد الناجح من خلال عملها في مركز الزاهرة للتدريب فضلاً عن كونها مبتكرة طوّعت ظرفها الصحي الذي أنهك جسدها الغض إلى منجز علمي بابتكار جهاز يقيس مستوى السوائل لدى مرضى الفشل الكلوي
كما أنها أحد فتيات منطقة الباحة التي تصدرت المشهد في مجال العمل التطوعي ويكفي هنا القول أنها عندما أصيبت بالسرطان لم تستلم لهذا المرض بل تحولت محاربة له حتى غادرت دنيانا الفانية تاركة خلفها حزناً عميقاً وإرثاً يستحق أن تستلهمه الأجيال كدرس رفيع ونموذجاً وطنيا نعتز به .
* الكاتبة والإعلامية أمل الغامدي : ووثقت فيها لأنها معطاءة ومثابرة ومتميزة بكلامها واقتراحاتها
كما تحدثت الأستاذة أمل الغامدي الكاتبة والإعلامية المعروفة عن المواقف التي جمعتها بالفقيدة حنان العُمري فأجابت :
شاركنا سوياً في الاعمال التطوعية ولثقتي فيها عينتها نائبة فريق بسمتهم أمل التطوعي ابدعنا سوياً وتميزنا واشتغلنا معاً في الكثير من المبادرات والفعاليات
وكانت تنوب عني في حال غيابي وكأني موجودة واثق فيها وفي عملها. وعندما غادرت الفريق قالت انا موجودة معك دائماً في أي وقت تحتاجينه.
كانت دائماً تناديني باعلاميتنا وكاتبتنا المتميزة، وتطلق عليه لقب(من تعمل بصمت) ودائماً تقول لي لماذا هذا الابداع والتميز اللي عندك ماتظهرينه اطلعي وتحدثي قدام الناس لايهمك احد.
وعن عملها في مجلس شباب منطقة الباحة قالت :
عندما كنت نائبة مجلس الشباب اخترتها ضمن مجموعة من الزميلات في المجلس، كانت معطاءة ومثابرة ومتميزة بكلامها واقتراحاتها ووجودها معي.
أما الوداع الأخير الذي كُتبت كلماته بمداد الدموع فقالت :
قبل سفرها الاخير زرتها في المنزل تحدثنا وضحكنا وتبادلنا الذكريات وتخبرني بألمها ومعاناتها وانها صابرة محتسبة وكان هذا الوداع الأخير الذي لانعلم عنه .
* الزميل الإعلامي الأستاذ خالد العمري : سطّرتْ قصة نادرة في الصبر والعطاء
أما الزميل بصحيفة أضواء الوطن الالكترونية الإعلامي الاستاذ خالد العمري فأجاب :
حقيقة في موقفٍ يعكس أسمى معاني الالتزام والتفاني ، حضرتْ الأستاذة حنان العمري أحد اجتماعاتنا الإعلامية مباشرة بعد خروجها من موعدٍ طبي لإجراء عملية غسيل الكُلى ، حاملةً معها روح العطاء رغم مشقة الألم ، وحضورها كان رسالة صامتة لكن بليغة ، تُجسّد فيها قوة الإرادة وعلو الهمة ، وتُلهمنا جميعاً معنى الوفاء للمسؤولية مهما اشتدت الظروف .
وعن اسهامات العُمري قال :
رحم الله الملهمة حنان العمري ، فقد سطّرت قصة نادرة في الصبر والعطاء ، حيث عاشت 22 عاماً تُصارع الفشل الكلوي بصبرٍ وإيمان ، بعدها جلطة حادة في قدمها ، ثم بدأت رحلة جديدة في مواجهة السرطان بكل شجاعة وثبات واحتساب ، حتى اختارها الله إلى جواره ، تاركة خلفها إرثاً من الإلهام .
فقد كانت مبادرة ، متطوعة ، قوية لا تعرف الانكسار ، وابتكرت جهازاً يُنبه مرضى الفشل الكلوي ، لاقى أصداءً واسعة وأثراً عظيماً ، كما أن لها إسهاماتها في جوانب التدريب والعمل التطوعي والعمل الاجتماعي والصحي والخيري ، وكانت قوية وملهمة حتى اخر يوم في حياتها .
رحمها الله رحمةً واسعة ، وجعل ما قدمته نوراً في قبرها ، وجزاءً مضاعفاً في جناته .
* الفنانة التشكيلية الاستاذة سارة غنام : في المناسبات مبتسمةً ومرحبةً وسعيدة وراضية والأطفال حولها كأنهم أطفالها
أما الفنانة التشكيلية الاستاذة سارة غنام والتي اجتمعت بحنان العُمري غير مرة وفي مناسبات عديدة فأوجزت بالقول :
أتذكر أنه لايوجد مناسبة أو لقاء وجدتها فيه إلا وهي مبتسمة ومرحبة وسعيدة وراضية ، والأطفال حولها كأنهم أطفالها تحتويهم وتفرحهم وترسم البسمة على وجوههم وتبتكر الألعاب والمسابقات لهم .
وأردفت : كنت قد سألتها مرة عن مساحة العطاء والفرح الذي بداخلها ، وكيف أنه يصل للآخرين بلا حواجز أو تجمل أو زيف ، رغم ما تعانيه من مشاكل صحية ؟؟ فأجابتني بأنني ولدت في أسرة مؤمنة بما أصابني وذلك الإيمان تلبسته منهم وجئت أسير به بين الناس واثقةً بالله وبغيتي زراعة البسمة على وجوههم .
* الفنانة التشكيلية الاستاذة سامية العثمان : رحيلها لا يُنسى وتركت إرثًا يستحق أن يُروى
وعن الذكريات والمواقف التي جمعتها بالراحلة : تحدثت الفنانة التشكيلية الاستاذة سارة سامية العثمان بقولها :
لقد كانت المبادرات المجتمعية التي تستهدف خدمة فئات المجتمع المختلفة هي ما جمعني بالأستاذة حنان، فقد كان بيننا شغف مشترك تجاه زيارة المرضى، وحرص دائم على دعم وتمكين فئة ذوي الإعاقة. كانت حنان ملهمةً حين تتحدث عن تجربتها، تبث فينا روح الإصرار على النجاح، وتغرس في نفوس من حولها أن الإعاقة لا يمكن أن تكون عائقًا أمام تحقيق الأهداف. بقيت كلماتها، ونظرتها الإيجابية للحياة، محفورة في ذاكرتي كدروس في الإنسانية والإرادة .
وعن أبرز إسهامات الملهمة حنان العُمري أجابت :
نعم، لقد تركت الراحلة إرثًا يستحق أن يُروى. من أبرز إنجازاتها التي نفخر بها ابتكارها الخاص الذي نال إعجاب وتقدير معالي الوزير أثناء زيارته للمنطقة، والذي كان بمثابة حلم لها بأن يرى النور ويُصنّع لخدمة مرضى الفشل الكلوي بشكل فعّال. أيضًا كانت رائدةً بمجال التدريب والإدارة وابتكار المبادرات وقيادتها حنان لم تكن صديقة فحسب، بل كانت أختًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. كانت محفّزة، وداعمة لي ولكثير من بنات المنطقة، تؤمن بقدرات الجميع وتسعى لفتح الأبواب أمامهم. كانت ترى في كل تحدٍ فرصة، وفي كل ألم رسالة، وفي كل حلم مشروعًا يمكن تحقيقه .
* الزميل الإعلامي الاستاذ: أحمد البرتاوي : علمتنا أن سعادتنا الحقيقة تبدأ في أن تكون سببًا في سعادة الآخرين
وهنا يجيب الزميل في قناة الإخبارية الأستاذ احمد البرتاوي عن المواقف التي جمعته بالفقيدة فيقول :
كثيرة هي تلك المواقف التي جمعتنا بها
لكن جميعها مرتبطة بمواقع الإلهام والفرح والتفاؤل …التقيتها في لقاءات تلفزونية تقريبًا تتجاوز الثمان مرات مابين تطوعية وإنجازات شخصية أو الابتكار الخاص بها لأنها متعددة المواهب كثيرة الطموح رحمها الله .
المواقف كثيرة لكن الأكثر ثبوتًا في الذاكرة هو أنها في كل أمر تحدثني فيه لم تكن يومًا تطلب شيء خاص لنفسها بل كانت لمن حولها رغم أنها التي تستحق أن تسعى لتحقيق شيء خاص لنفسها .
وعن إسهامات الراحلة أجاب البرتاوي:
أما الإسهامات التي تركتها لنا فلا شك أن التطوع لخدمة المجتمع هو الرسالة التي تركتها علمتنا أن سعادتنا الحقيقة تبدأ في أن تكون سببا في سعادة الآخرين تركت فينا الأمل الذي لايموت وأن الخير يبقى أثره حتى بعد الرحيل تركت فينا حنان المعنى الحقيقي لإنسانيتنا . رحم الله تلك الملامح الطاهرة
ختامًا:
رحلت حنان، لكنها لم تغب. بقيت سيرتها حيّةً في القلوب، وإنجازاتها شاهدة على نُبل رسالتها. نذرَت حياتها للعطاء، وعاشت من أجل الآخرين، وسارت في دربٍ لا يسلكه إلا العظماء. رحم الله حنان العمري، وجعلها في أعلى عليين، وجزى كل من واصل رسالتها خير الجزاء .. وللعطاء بقية في وطن العطاء
التعليقات 11
11 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
المدير التنفيذي بجمعية التنمية الأهلية برغدان/ندى الغامدي
08/04/2025 في 9:34 ص[3] رابط التعليق
وجع الفقد كبير، وحزننا على حنان ما له شكل ولا وصف.. كانت إنسانة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، قلبها واسع، وابتسامتها دايمًا تسبق كلامها. ما كانت تنتظر شكر أو مقابل، كانت تشتغل من قلبها وتحب الخير وتفرح بنجاح غيرها. رحلت حنان، بس طيبتها باقية فينا، وأثرها محفور في قلوب كل من عرفها. الله يرحمها ويجعل مثواها الجنة.”
منال الغامدي
08/04/2025 في 2:52 م[3] رابط التعليق
رحم الله القلب الطيب حنان
اللهم انها صبرت على البلاء فامنحها منزلة الصابرين المحتسبين
خلود
08/04/2025 في 6:40 م[3] رابط التعليق
الله يرحمها ويغفر لها ويجعل ما قدمته في ميزان حسناتها وجمعنا الله بها في مستقر رحمته
شوق علي أحمد
08/04/2025 في 8:44 م[3] رابط التعليق
رحمك الله حنان رحمه الابرار واسكنها فسيح جناته وجمعني بها في جنه عرضها السموات والارض اللهم اجبر قلب اهلها جبرا يتعجب منه اهل السموات والارض
حنان كانت لي اخت وصديقه وحبيبه لن انسى وقفتها معي عندما احتجتها ليس مني لها الا الدعاء بظهر الغيب وهذا اجمل ما يهدى للميت
دمعة ألم
08/04/2025 في 10:14 م[3] رابط التعليق
صديقتي واختي و كانت قدوتي. قابلتها اول مره في معرص الابتكار وكنت خائفه ومتردده ومنحرجه وهي من ساعدتني و عززت ثقتي بنفسي رغم انني كنت منافسه قويه لها
حبيبتي حنان احبك حتى نلتقي في جنة الرحمن اوجعني جدا خبر فقدك وليت كلماتي ان تصلك لكن لااملك لك الا الدعاء ولموتى المسلمين
دمعة ألم
08/04/2025 في 10:14 م[3] رابط التعليق
صديقتي واختي و كانت قدوتي. قابلتها اول مره في معرص الابتكار وكنت خائفه ومتردده ومنحرجه وهي من ساعدتني و عززت ثقتي بنفسي رغم انني كنت منافسه قويه لها
حبيبتي حنان احبك حتى نلتقي في جنة الرحمن اوجعني جدا خبر فقدك وليت كلماتي ان تصلك لكن لااملك لك الا الدعاء ولموتى المسلمين
Najat AL gamdi
08/04/2025 في 10:23 م[3] رابط التعليق
اللهم اجعلها من الذين يوفون اجرهم بغير حساب اللهم تقبلها شهيده وجازها بجنة الفردوس نزلا
معلمتها / صالحة خضر الغامدي
09/04/2025 في 12:25 ص[3] رابط التعليق
حنان العمري
تلك الانسانه الصابره المحتسبه التي كانت تسهم بكل ماتستطيع في ترميم جراح المحتاجين رغم مرضها ومعاناتها الطويلة مع الالم انطفأت بعدما أضاءت نفوساً ضعيفه تترقب لبصيص من النور الخافت لتتعايش مع ظروفها وواقعها ……..يعجز لساني عن وصف طالبتي النجيبه التي احببت فيها حسن خلقها وتفانيها في طلب العلم ولايسعني الا ان ارفع اكف الضراعه للبارئ في كل صلواتي بالدعاء لها بالرحمه والمغفره والدرجات العلى من الجنة وان يبدلها ربها دارا خيرا من دارها وأهلا خيرا من اهلها وان يفسح لها في قبرها مد بصرها ويجعله روضةً من رياض الجنة تتنعم فيه الى يوم يبعثون .
جوهرة محمد الغامدي
09/04/2025 في 8:45 ص[3] رابط التعليق
رحمها الله وغفرالله لها واسكنها الفردوس الأعلى من الجنة يااارب 💔
وجعل مااصابها كفارة ورفعة في درجاتها يارب العالمين 💔
جوهرة محمد الغامدي
09/04/2025 في 8:47 ص[3] رابط التعليق
رحمها الله وغفرالله لها واسكنها الفردوس الأعلى من الجنة يااارب العالمين 💔
وجعل مااصابها كفارة ورفعة في درجاتها يارب
والهم والديها واحبابها الصبر والسلوان 💔
فاطمه ناصر العمري
10/04/2025 في 11:57 ص[3] رابط التعليق
رحم الله فقيدة الباحه الني لن تعوضها الايام