في هذا اللقاء الصحفي، نستضيف الكاتب والإعلامي غازي أحمد علي الفقيه، أحد الأسماء البارزة في مجال الإعلام والصحافة. يتمتع الفقيه بخبرة تمتد لعقود في الصحافة الورقية والإلكترونية، حيث اشتهر بأسلوبه العميق في تناول القضايا الاجتماعية والتاريخية. له مساهمات واسعة في الصحافة المحلية، وكتب في العديد من الصحف والمجلات السعودية. كما اشتهر ببحوثه التاريخية القيّمة، خصوصًا في تاريخ القدس الشريف.
إلى جانب مسيرته الإعلامية، أصدر أربعة كتب مهمة:
• من ثمار غرس الفهد
• تاريخ القوز
• تاريخ القدس الشريف (1917-1948م)
• موقع سوق حباشة بين المؤرخين والمجتهدين
وله أيضًا العديد من الأبحاث المخطوطة، مما يعكس اهتمامه العميق بالتوثيق التاريخي والاجتماعي.
في هذا الحوار، يأخذنا الفقيه في رحلة عبر ذكرياته الرمضانية القديمة، ويتحدث عن الفرق بين رمضان الماضي ورمضان اليوم، إضافة إلى تجاربه الصحفية، والمواقف الطريفة التي عاشها خلال الشهر الكريم.
⸻
ذكريات الطفولة.. رمضان الماضي بروحانيته واجتماعيته
س: كيف كانت أجواء رمضان في طفولتك؟ وما هي التقاليد الأسرية قديمًا؟
ج: كان رمضان في الماضي مختلفًا تمامًا عن اليوم، حيث كانت العائلات الممتدة تعيش في منزل واحد، يضم الجد والجدة والأحفاد، مما يعزز روح التآلف والترابط الاجتماعي.
كانت المائدة الرمضانية عامرة بأطباق تقليدية تُعدّ بعناية، ويتشارك الجميع في تحضيرها. وفي المساء، كانت المجالس الرمضانية تجمع الأقارب والجيران، حيث يتبادلون الأحاديث ويتعاونون في أعمال الخير، مثل توزيع التمر والطعام على المحتاجين.
أما الأطفال، فقد كانوا يستمتعون باللعب في الشوارع بعد صلاة التراويح، بينما الكبار يجتمعون حول طاولة المسحّر، التي كانت من أجمل طقوس الشهر الكريم.
أما اليوم، فقد تغيّرت العادات بسبب التكنولوجيا الحديثة، وأصبحت الأسرة أقل تفاعلًا، حيث استُبدلت المجالس العائلية بالشاشات، مما أفقد رمضان جزءًا من نكهته الاجتماعية.
⸻
رحلة الإعلام.. من الصحافة الورقية إلى الصحافة الرقمية
س: متى بدأ شغفك بالصحافة؟ وكيف تطورت تجربتك الإعلامية عبر السنوات؟
ج: بدأ شغفي بالصحافة منذ أيام الدراسة، حيث كنت أكتب وأصمم وأُخرج الصحف المدرسية، وكان ذلك بمثابة الخطوة الأولى في عالم الكتابة.
في عام 1395هـ، بدأت فعليًا في الصحافة الورقية، حيث عملت مع رؤساء تحرير بارزين كان لهم دور كبير في صقل موهبتي، مثل:
• الدكتور عبدالله مناع –رحمه الله– الذي أتاح لي الكتابة في مجلة إقرأ.
• الأستاذ عبدالله الحصين في جريدة المنورة، حيث نشرت مقالاتي في صفحة الرأي بجانب كبار الكُتاب.
كما نشرت مقالاتي في ملحق الأربعاء بجريدة المدينة، والملحق الأدبي بجريدة الندوة، وملحق الملاعب الرياضية بجريدة الرياضية، إضافة إلى أبحاث تاريخية في جريدة الجزيرة.
ومع دخول عصر الصحافة الإلكترونية، واصلت الكتابة في عدة صحف رقمية، مثل:
• الوئام، خبر عاجل، نزاهة، آراء سعودية، خبر اليوم، البندر، ومنبر.
• حاليًا أنشر مقالاتي في صحيفتي أضواء الوطن والبلد.
⸻
مواقف رمضانية طريفة لا تُنسى
س: رمضان مليء بالمواقف الطريفة، هل هناك موقف لا يزال عالقًا في ذاكرتك؟
ج: نعم، لدي العديد من المواقف الطريفة، لكن سأروي اثنين منها، وكلاهما حدث خلال زيارتي الأولى إلى الأردن في رمضان عام 1996م، عندما كنت أجمع مادة بحثية لرسالتي في الماجستير بعنوان “تاريخ القدس الشريف (1917 – 1948م)”.
الموقف الأول:
عند وصولي إلى الأردن، لم أكن أدرك برودة الطقس هناك. بعد نزولي في الفندق، خرجت لشراء بعض الأطعمة للإفطار، وبعد تناول الوجبة، اشتد المطر والبرد لدرجة لم أتمكن من مغادرة الفندق.
اضطررت للبقاء في السرير، متدثرًا بالبطانيات المتاحة حتى أذان الفجر! وهكذا، أصبح إفطاري هو وجبة السحور في آنٍ واحد.
الموقف الثاني:
اتصلت بوزير خارجية الأردن الأسبق، الدكتور حازم نسيبة، لحجز موعد لمقابلته، وقد رحّب بي وأعطاني عنوان منزله، لكنه نسي أن يذكر رقم الشقة!
بعد الإفطار، توجهت إلى العنوان في أجواء باردة وماطرة، وعندما وصلت، لم أكن أعرف أي باب أطرق. بعد تردد طويل، طرقت أحد الأبواب، ففتحت لي خادمة لا تتحدث العربية أو الإنجليزية، ثم أغلقت الباب بسرعة!
وبعد لحظات، عادت وأعطتني خمسة دنانير، معتقدة أنني متسول، ثم أغلقت الباب مجددًا! طرقت الباب مرة أخرى، ففتحت وأعطتني عشرة دنانير هذه المرة! عندها، وضعت قدمي عند الباب وصرخت:
“هل هذا بيت الدكتور؟”
سمعني الدكتور حازم نسيبة فجاء مسرعًا، واعتذر لي عن الموقف، ثم استضافني في مجلسه العامر، وبعد انتهاء الزيارة، أصرّ على أن يوصِلني ابنه بسيارته إلى الفندق.
⸻
الصحافة بين الأمس واليوم.. بين المهنية والسرعة الرقمية
س: كيف ترى دور الصحافة اليوم؟ وما رأيك في التغييرات التي طرأت عليها؟
ج: الصحافة ليست مجرد مهنة، بل رسالة ومسؤولية. الإعلام هو نافذة الناس على الحقيقة، وأداة تؤثر في الرأي العام وتشكل وعي المجتمع.
اليوم، تغيّرت الصحافة كثيرًا مع انتشار الإعلام الرقمي، وأصبحت السرعة في نقل الأخبار أكثر أهمية من الدقة أحيانًا، مما جعل دور الصحفي التقليدي أكثر صعوبة.
لكن رغم التحديات، ستظل الصحافة الملتزمة بالقيم المهنية والتوثيق الدقيق مؤثرة وذات أهمية، خاصة في توثيق القضايا المجتمعية والتاريخية.
⸻
نصيحة للجيل الجديد من الصحفيين
س: ما نصيحتك للجيل الجديد من الصحفيين؟
ج: أنصحهم بأن يكونوا صادقين وأمناء في نقل المعلومات، وأن يحرصوا على البحث العميق قبل نشر أي موضوع. الصحافة ليست مجرد نقل للأخبار، بل مسؤولية تتطلب الالتزام بالقيم المهنية.
كما أوصيهم باستغلال التطورات التقنية الحديثة، لكن دون التفريط في أخلاقيات المهنة. الصحفي الناجح هو الذي يكسب ثقة القارئ ويحترم عقله، وليس الذي يسعى وراء الإثارة الزائفة والشهرة المؤقتة.
⸻
كلمة أخيرة للقراء
ج: رمضان شهر الروحانيات والتواصل الاجتماعي، وأتمنى أن نعود إلى القيم الأصيلة التي كانت تميز هذا الشهر، مثل الترابط الأسري، التكافل الاجتماعي، والبُعد عن العزلة الرقمية.
أسأل الله أن يعيده علينا جميعًا بالخير واليُمن والبركات.
التعليقات 3
3 pings
عبدالعزيز سعود
16/03/2025 في 1:23 ص[3] رابط التعليق
حوار حدا ممتع الكاتب المتالق غازي موسوعة علمية راقية
شكرا لكم ولضيفكم امتعتونا بهذا اللقاء الجميل
غير معروف
16/03/2025 في 1:24 ص[3] رابط التعليق
مواقف ومحطات تدعو للتأمل
شلاح محمد
16/03/2025 في 1:28 ص[3] رابط التعليق
السلام عليكم
في الحقيقة ذكريات لاينساه القداما نتمنى ان تفعل هذه الذكريات الرمضانية