دعا الرئيس البرازيلي المؤقت “ميشال تامر” البلاد إلى التكاتف خلف حكومته “للانقاذ الوطني” بعد ساعات من تصويت مجلس الشيوخ بالموافقة على محاكمة الرئيسة اليسارية ” ديلما روسيف ” عن خرق قوانين الميزانية ووقفها عن العمل.
وحث ” تامر ” 75 عاما – المنتمي لتيار الوسط والذي يتحرك الآن لتوجيه أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية نحو سياسات أكثر انسجاماً مع السوق – البرازيلي على أن يكون لديهم “الثقة” في أنهم سيتغلبون على الأزمة الحالية التي أثارها ركود اقتصادي حاد واضطرابات سياسية وفضيحة فساد واسعة ، وقال بعد حفل توقيع مرسوم تشكيل مجلس وزرائه الجديد “من الضروري أن نهديء الأمة ونوحد البرازيليين ” الاحزاب السياسية والقادة والمنظمات والشعب البرازيلي ” سيتعاونون لإنتشال البلد من هذه الأزمة الخطيرة ، والتي أدت إلى نهاية درامية لثلاثة عشر عاماً من حكم حزب العمال الذي امتطى موجة من المشاعر الشعبية اجتاحت أمريكا اللاتينية مع بداية الألفية الثانية ومكنت جيلاً من الزعماء اليساريين من استغلال طفرة في صادرات المنطقة من السلع الأولية لانتهاج سياسات طموحة للتحول الاجتماعي.
لكن مثلما حدث مع الزعماء اليساريين الآخرين في المنطقة اكتشفت “روسيف” أنه بعد أربع فترات متتالية في الحكم لم يعد الحزب موضع ترحيب خصوصاً مع هبوط أسعار السلع الأولية وفشل حكومتها التي تراجعت شعبيتها بشكل متزايد في دعم النمو الاقتصادي ، وبالإضافة إلى تراجع الاقتصاد تلقت ” روسيف ” التي تولت منصبها في 2011 ضربة موجعة من فضيحة فساد ومعارضة سياسية مصممة على الإطاحة بها ، وبعد وقفها عن العمل كلف ” تامر ” وزراءه الجدد بتنفيذ سياسات ودية تجاه قطاع الأعمال مع الحفاظ على البرامج الإجتماعية التي لا تزال تحظى بتأييد شعبي وكانت السمة المميزة لحزب العمال . ويتألف مجلس الوزراء الجديد من 23 وزيراً وهو عدد أقل بنسبة للثلث من مجلس وزراء ” روسيف” .
ويواجه ” تامر ” الذي قضى عقوداً في الكونجرس البرازيلي التحدي الهائل المتمثل في إنتشال تاسع أكبر اقتصاد في العالم من أسوأ ركود منذ الكساد الكبير وخفض الإنفاق العام المتضخم ، وسارع إلى تعيين ” هنريك ميريليس ” محافظ البنك المركزي السابق الذي يحظى بإحترام في منصب وزير المالية مع تكليفه بإصلاح نظام معاشات التقاعد الباهظ التكلفة.
وفي كلمة لها قبيل مغادرتها قصر الرئاسة في برازيليا تعهدت روسيف (68 عاما) بمقاومة الاتهامات الموجهة إليها ، ونفت ارتكاب أي مخالفات ووصفت إجراءات عزلها بأنها “ملفقة” و”انقلاب” ، وقالت “قد أكون وقعت في أخطاء لكنني لم أرتكب أي جريمة ” ، واضافت روسيف وهي خبيرة اقتصادية ومقاتلة ماركسية سابقة ” هذه ساعة مأساوية لبلدنا ” واصفة وقفها عن العمل بانه مسعى من المحافظين للنكوص على المكاسب الاجتماعية والاقتصادية التي حققتها الطبقة العاملة في البرازيل.
وصعد حزب العمال من الحركة العمالية في البرازيل في عقد السبعينات من القرن الماضي وساعد في الاطاحة بجنرالات الجيش الذين حكموا البلاد لعقدين حتى 1985 .